قوله :« بآياتِنَا » يجوز فيه أوجه أن يتعلق ب « نَجْعَلُ » أو ب « يَصِلُونَ » أو بمحذوف أي : اذهبا، أو على البيان فيتعلق بمحذوف أيضاً، أو ب « الغَالِبُونَ » على أن ( أل ) ليس موصولة أو موصُولة، واتِّسع فيه ما لا يتسع في غيره، أو قسمٌ وجوابه متقدم، وهو « فَلاَ يَصِلُونَ »، أو من لغو القسم، قالهما الزمخشري، ورد عليه أبو حيان بأن جواب القسم لا تدخله الفاء عند الجمهور. ويريد : بلغو القسم أن جوابه محذوف أي : وحقّ آياتِنَا لَتَغْلِبُنَّ، ثم قال :﴿ أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون ﴾ أي : لكما ولأتباعكما الغلبة.
قوله :﴿ فَلَمَّا جَآءَهُم موسى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ ﴾ واضحات وقد تقدم كيفية إطلاق لفظ الآيات - وهو جمع - على العصا واليد في سورة طه. ﴿ قَالُواْ مَا هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى ﴾ مختلق، ثم ضموا إليه ما يدل على جهلهم، وهو قولهم ﴿ وَمَا سَمِعْنَا بهذا في آبَآئِنَا الأولين ﴾ أي : ما حُدِّثنا بهذا الذي تدعونا إليه.
قوله :« وقَالَ مُوسَى » هذه قراءة العامة بإثبات واو العطف، وابن كثير حذفها. وكل وافق مصحفه، فإنها ثابتة في المصاحف غير مصحف مكة؛ وإثباتها وحذفها واضحان، وهو الذي يسميه أهل البيان : الوَصْلُ والفَصْلُ. قوله ﴿ ربي أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بالهدى مِنْ عِندِهِ ﴾ بالمحق من المبطل.
قوله :« وَمَنْ تَكُونُ » قرأ العامة « تكون » بالتأنيث، و « لَهُ » خبرها، و « عَاقِبَةُ » اسمها، ويجوز أن يكون اسمها ضمير القصة، والتأنيث لأجل ذلك.
و ﴿ لَهُ عَاقِبَةُ الدار ﴾ جملة في موضع الخبر، وقرىء بالياء من تحت على أن تكون « عَاقِبَةُ » اسمها، والتذكير للفصل، ولأنه تأنيث مجازي، ويجوز أن يكون اسمها ضمير الشأن، والجملة خبر كما تقدم، ويجوزُ أن تكون تامة وفيها ضمير يرجع إلى « مَنْ » والجملة في موضع الحال، ويجوز أن تكون ناقصة واسمها ضمير « مَنْ » والجملة خبرها، والمعنى :« مَنْ يَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ » أي : العاقبة المحمودة في الدار الآخرة لقوله تعالى :﴿ أولئك لَهُمْ عقبى الدار جَنَّاتٌ عَدْنٍ ﴾ [ الرعد : ٢٢ - ٢٣ ]، والمراد من الدار : الدُّنيا. وعاقبتها وعقباها أنْ يُخْتَم للعبد بالرحمة والرضوان، ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون ﴾، أي : الكافرون.