قوله :« وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ » أي : يسأل الله الكفار ﴿ مَاذَآ أَجَبْتُمُ المرسلين ﴾، فعميت، العامة على تخفيفها، وقرأ الأعمش وجناح بن حبيش بضم العين وتشديد الميم، وتقدمت القراءتان للسبعة في هود، والمعنى : خفيت واشتبهت « عَلَيْهِم الأَنْبَاءُ » وهي الأخبار والأعذار، وقال مجاهد : الحجج يومئذ فلا يكون لهم عذر ولا حجة، فهم لا يستاءلون لا يجيبون وقال قتادة : لا يحتجون، وقيل : يسكتون لا يسأل بعضهم بعضاً وقرأ طلحة « لا يسّاءلون » بتشديد السين على إدغام التاء في السين، كقراءة ﴿ تَسَآءَلُونَ بِهِ والأرحام ﴾ [ النساء : ١ ].

فصل


قال القاضي : هذه الآية تدل على بطلان قول الجبرية، لأن فعلهم لو كان خلقاً من الله ويجب وقوعه بالقدر والإرادة لما عميت عليهم الأنبا ولقالوا إنَّما كذَّبنا الرسل من جهة خلقك فينا بتكذيبهم والقدرة الموجبة لذلك فكانت حجتهم على الله تعالى ظاهرة وكذلك القول فيما تقدم، لأن الشيطان كان له أن يقول إنما أغويت بخلقك فيّ الغواية، والجواب : أنَّ علم الله بعدم الإيمان مع وجود الإيمان متنافيان لذاتهما، فمع العلم بعدم الإيمان إذا أمرنا بإدخال الإيمان في الوجود فقد أمرنا بالجمع بين الضِّدين، واعلم أنَّ القاضي لا يترك آية من الآيات المشتملة على المدح والذم والعقاب إلا يعيد استدلاله بها، كما أن وجه استدلاله في الكل هذا الحرف، فكذا وجه جوابنا حرف واحد، وهو كما ذكرنا.


الصفحة التالية
Icon