( فإن قيل هنا ) قال في الأعراف :« فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ » وقال في هود :« فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ » والحكاية واحدة.
( فالحواب ) : لا تعارض بينهما، فإن الصيحة كانت سبباً للرجفة، قيل : إن جبريل صاح فتزلزلت الأرض من صيحته، فرجفت قلوبهم، والإضافة إلى السبب لا تنافي الإضافة إلى سبب السبب.
فإن قيل : ما الحكمة في أنه حخيث قال :« فأخذتهم الصَّيْحَةُ » قال :« في دِيَارِهِمْ » وحيث قال :« فأخذتهم الرجفة » قال في « دَارِهِمْ » ؟
فالجواب : أنّ المراد من الدارِ هو الديار، والإضافة إلى الجمع يجوز أن تكون بلفظ الجمع، وأن تكون بلفظ الواحد إذا أمِنَ ( مِنَ ) الالْتِباسِ، وإنما اختلف اللفظ لِلطيفة وهي أن اللطيفة هائلة في نفسها، فلم يحتج إلى تهول بها، وأما الصيحة فغير هائلة في نفسها ولكن تلك الصيحة لما كانت عظيمة حتى أحدثت الزلزلة في الأرض ذكر الديار بلفظ الجمع حتى يعلم هيئتها، والرجفة بمعنى الزلزلة عظيمة عند كل أحد فلم يُحْتَجْ إلى معظِّمٍ لأمرها، وقيل : إن الصيحة كانت أعظم حيث عمت الأرض والجو والزلزلة لم تكن إلا في الأرض فذكر الديار هنا، وهذا ضعيف لأن لادار والديار موضع الجثوم لا موضع الصيحة والرجفة فهم ما أصبحوا جاثمين إلا في ديارهم أو دارهم.