قوله :﴿ وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ﴾ يجوز أن يكون « نضربها » خبر « تلك الأمثال » و « الأمثال » نعت أو بدل، أو عطف بيان، وأن يكون « الأمثال » خبراً، و « نضربها » حال، وأن يكون خبراً ثانياً.

فصل


وتلك الأمثال : الأشباه، والمَثَل : كلام سائغ يتضمن تشبيه الآخر بالأول، يريد امثال القرآن التي شبه بها أحوال الكفار هذه الأمة بأحوال كفار الأمم المتقدمة « نضربها » تَنْبِيهاً للناس، قال مقاتل : لكفار مكة ﴿ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ العالمون ﴾ أي ما يعقل الأمْثَالَ إلا العلماءُ الذين يعقلون عن الله. روى جابر « أن النبي - ﷺ - تلا هذه الآية ﴿ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ﴾ قال :» العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته، واجتنب سَخَطَهُ «

فصل


روي أن الكفار قالوا : كيف يضرب خالقُ الأرض والسموات الأمثال بالهوامُ والحشرات كالبعوض والذباب والعنكبوت، فقيل : الأمثال تضربها للناس إذْ لم يَكونوا كالأنعام يحصل لكم منه إدراك ما يوجب نُفْرَتَكُمْ مما أنتم فيه لأن التشبيه يؤثر في النفس تأثيراً مثل تأثير الدليل، فإذا قال الحكيم لمن يغتاب ( بالغيبة ) كأنك تأكل لحم ميت لأنك وقعت في هذا الرجل الغائب وهو غائب لا يفهم ما تقول ولا يسمع حتى يجيبك كمن يقع في ميت يأكل كما ينفر إذا قال له : إنك توجب العقاب ويورث العتاب.


الصفحة التالية
Icon