قوله :« مِنْ كِتَابٍ » مفعول « تتلو » و « من » زائدة و « من قبله » حال من « كتاب » أو متعلق بنفس « تتلو » و « تخطّه بيمينك » أي ولا تكتبه أي لم تكن تقرأ ولا تكتب قبل الوحي قوله :« إذاً لاَرْتاب » جواب وجزاء، أي لو تلوت كتاباً قبل القرآن أو كنت ممن يكتب لارتاب المبطلون ولشكّ ( المشركون من ) أهل مكة، وقالوا : إنه يقرأه من كتب الأولين وينسخه منها، وقال قتادة ومقاتل : المبطلون هم اليهود والمعنى : لشكوا فيك واتهموك، وقالوا : من الذي نجد نعته في التوراة أمي لا يقرأ ولا يكتب وليس هذا على ذلك النعت.
قَوْلُهُ :﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ ﴾ قرأ قتادة « آيَةٌ » بالتوحيد، قال الحسن : يعني القرآن ( « آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ » }، يعني :« المؤمنين » الذين حملوا القرآن، وقال ابن عباس وقتادة :( « بل هو » ) يعني : محمداً - ﷺ - ذو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب لأنهم يجدونه بنعته وصفته في كتبهم وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ الظالمون }.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله ههنا :« الظالمون » ومن قبل قال : الكافرون؟
فالجواب : أنهم قبل بيان المعجزة قيل لهم : إن لكم المزايا فلا تُبْطِلُوها بإنكار محمد فتكونوا كافرين فلفظ الكافر هانك أبلغ فمنعهم عن ذلك لاستنكافهم عن الكفر، ثم بعد بيان المعجزة قال لهم إن جحدتم هذه الآيات لزمكم إنكار إرسال الرسل فتلحقوا في أول الأمر بالمشركين حكماً، وتلتحقون عند جحد هذه الآيات بالمشركين حقيقة فتكونوا ظالمين أي مشركين، كما قال :﴿ إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [ لقمان : ١٣ ] فهذا اللفظ هنا أبلغ.