وأما الجر ففي قولك :« من قبلِه ومن بَعْدِه » فبني عليه لعدم دخول مثلها عليه في الإعراب وهو الرفع، وحكى الفراء كسرها من غير تنوين. وغلطه النحاس وقال : إنما يجوزُ من قبل ومن بعد يعني مكسوراً منوناً، قال شهاب الدين : وقد قرىء بذلك ووجهه أنه لم ينو إضافتهما فَأَعْرَبَهُمَا كقوله :
٤٠٣٣ - فَسَاغَ لِيَ الشَّرَابُ وَكُنْتُ قَبْلاً | أَكَاد أَغُصُّ بِالمَاءِ القُرَاحِ |
٤٠٣٤ - وَنَحْنُ قَتَلْنَا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّة | فَمَا شَرِبُوا بَعْداً عَلَى لذَّةٍ خَمْرَا |
وقد خرج بعضهم ما حكاه الفراء على أنه قدر أن المضاف إيله موجود فترك الأول بحاله وأنشد :
٤٠٣٣ -..................... | بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الأَسَدِ |
( فصل )
وعلى قراءة عبد الله بن عمر، وأبي سعيد الخدري، والحسين، وعيسى بن عمر غَلَبَتِ الروم بفتح الغين واللام سيُغْلَبون بضم الياء وفتح اللام. قالوا : نزلت حين أخبر النبي - ﷺ - عن غلبة الروم فارساً في أدنى الأرض ( إليكم ) وهم من بعد غلبهم سيغلبون المسلمين في بضع سنين وعند انقضاء هذه المدة أخذ المسلمون في جهاد الروم والأول قول أكثر المفسرين وهو الأصح ولله الأمر من قبل وم نبعد أي من قبل دولة الروم على فارس ومن بعدها فأي الفريقين كان لهم الغلبة فهو بأمر الله وقضائه وقدره.
قوله :« ويَوْمَئِذٍ » أي إذ تغلبُ الروم فارساً، والنصاب « ليوم » ( يفرح وقوله « بنصر الله ينصر » من التجنيس، وقد تقدم آخر الكهف، وقوله : بنصر الله « الظاهر تلقه » بيفرح ). وجوز أبو البقاء أن يتعلق « بِيَنْصُرُ » وهذا فيه تفكيك للنَّظْمِ.
فصل
المعنى : يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله الروم على فارس. قال السدي : فرح النبي - ﷺ - والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر، فظهر أهل الكتاب على أهل الشرك ﴿ ينصر من يشاء وهو العزيز ﴾ الغالب « الرحيم » للمؤمنين.