قوله :﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ﴾ فمن حمل الفِطرة على الدين قال معناه : لا تبديل لذين الله، فهو خبر بمعنى النهي، أي لا تُبَدِّلُوا التوحيد بالشرك. وقيل : هذا تسلية للنبي - ﷺ - وقال عكرمة ومجاهد : معناه تحريم إخصاء البهائم، ثم قال :﴿ ذَلِكَ الدين القيم ﴾ المستقيم الذي لا عوج فيه ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أن ذلكَ هُوَ الدينُ المستقيمُ.
قوله :« مُنِيبِينَ » حال من فاعل « الْزمُوا » المضمر كما تقدم، أو من فاعل « أَقِمْ » على المعنى لأنه ليس يراد به واحدُ بعينه، وإنما المراد الجميع، وقيل : حال من « النَّاسِ » إِذَا أريد بهم المؤمنون، وقال الزجاج بعد قوله :« وَجْهَكَ » معطوف تقديره « فَأَقِمْ وَجْهَكَ وأُمَّتَكَ » فالحال من الجميع، وَجَازَ حذل المعطوف لدلالة « مُنِيبِينَ » عليه، كما جاز حذفه في قوله :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾ أي والناسُ لدلالة :« إِذَا طَلَّقْتُمْ » عليه، كذا زعم الزجاج، في ﴿ ياا أَيُّهَا النبي ﴾ [ الطلاق : ١ ] وقيل : على خبر كان، أي كُونُوا مُنِيبِينَ، لدلالة قَوْلِهِ :« وَلاَ تَكُونُوا ».
فصل
معنى منيبين إليه أي مُقْبِلِينَ عليه بالتوبة والطاعة،
« وَاتَّقُوهُ » إي إِذَا أقبلتم عليه، وتركتم الدنيا، فلا تأمنوا فتتركوا عبادته بل خافوه وداوموا على العبادة
« وأَقِيمُوا الصَّلاَةَ » ولا تَكُونُوا مِنَ المشركِينَ؛ بإِعادة العامل. وتقدم قراءتا
« فَرَّقُوا، وَفَارَقُوا » وتفسير
« الشِّيَعِ » أيضاً. قوله :
« فَرِحُونَ » الظاهر أنه خبر عن
« كل حزب » ؛ وجوز الزمخشري أن يرتفع صفة
« لكُلّ » قال : ويجوز أن يكون
« من الذين » منقطعاً مما قبله ومعناه من المفارقين دينهم كل حزب فَرِحينَ بما لديهم، ولكنه رفع
« فَرِحِين » وصفاً لكل كقوله :
٤٠٤٢ - وَكُلُّ خَلِيلٍ غَيْرُ هَاضِمِ نَفْسِهِ | ............................. |
قال أبو حيان : قدر أولاً
« فَرِحِينَ » مجروراً صفة
« لِرَجُلٍ » وهو الكثر كقوله :
٤٠٤٣ - جَادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ | فَتَرَكْنَ كُلَّ حَدِيقَةٍ كَالدَّرْهَمِ |
وجاز الرفع نعتاً
« لكُلّ » كقوله :
٤٠٤٤ - وَلِهَتْ عَلَيْهِ كُلُّ مُعْصِفَةٍ | هَوْجَاءُ لَيْسَ لِلُبِّهَا زَبْرُ |
وهو تقدير حسن.