( قوله :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إلى قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بالبينات ﴾ لما بين الأصلين ) بالبراهيم ذكر الأصل الثالث وهو النبوة فقال :﴿ ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً ﴾ أي إرسالهم دليل رسالتك فإنهم لم يكن لهم شُغْلٌ غير شُغْلِكَ ولم يظهر عليهم غير ما أظهر عليك، ومن آمن بهم كان له ( الانتصار ) ومن كَذَّبهم أَصَابَهُمْ البَوَارُ، وفي تعلق الآية وجه آخر وهو أن الله لما بين بالبراهين ولم ينتفع بها الكفار سَلَّى قلب النبي عليه ( الصلاة و ) السلامَ وقال : حالك كحاكل من تقدمكم كان كذلك وجاءُوا بالبينات أيضاً : أي بالدلائل والدّلاَلاَتِ الواضحات على صدقهم وكان في قومهم كافرٌ ومؤمنٌ كما في قومك ﴿ فانتقمنا مِنَ الذين أَجْرَمُواْ ﴾ عذبنا الذين كذبوهم ونصرنا المؤمنين.
[ قوله :] وَكَانَ حَقّاً، وقف بعضهم على « حقاً » وابْتَدَأَ بما بعده فجعل اسم « كان » مضمراً فيها و « حقاً » خبرها، أي وكان الانتقام حقّاً، قال ابن عطية : وهذا ضعيف لأنه لم ( يَدْرِ ) قدر ما عرضه في نظم الآية يعني الوقف على « حقاً » ؛ وجعل بعضهم « حقاً » منصوباً على المصدر واسم كان ضمير ( الأمر والشأن ) و « علينا » خبر مقدم، و « نصر » اسم مؤخر، وجعل بعضهم « حقاً » خبرها و « علينا متعلق » بحقاً «، أو بمحذوف صفة له، فعلى الأول يكون بشارة للمؤمنين الذين آمنوا بمحمد - ﷺ - أي علينا نَصْرُكُمْ أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ ونصرهم إنجاؤهم من العذاب، وعلى الثاني معناه وكان حقاً علينا؛ أي نصر المؤمنين كان حقاً علينا.