قالت : فَهَلَك مَنْ هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أُبيّ ابن سَلولٍ. قال عروة : لم يسلم من الإفك إلا حسان بن ثابت، ومسطح بن أُثاثة، وحمنة بنت جحش. في أناس آخرين لا علم بهم غير أنهم عصبة كما قال عزَّ وجلَّ. قال عروة : وكانت عائشة تكره أن يُسَب عندها حسان وتقول : إنه هو الذي قال :
٣٨١٨- فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
قالت عائشة : وقدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة، ولم أر فيه - عليه السلام - ما عهدته من اللطف الذي كنت أعرف منه، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ولا أشعر بشيء من ذلك، فاشتكيت حتى قدمت شهراً، وهو يريبني في وجعي أنَّي لا أرى من رسول الله - ﷺ - اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل عليّ رسول الله - ﷺ - فيسلم ثم يقول :« كيف تيكُمْ » ؟ ثم ينصرف، فذلك يَريبُني، ولا أشعر بالشر، حتى خرجت حين نقهت، فخرجت مع أم مِسْطَح قِبَلَ المناصع وكان متبرَّزنا، وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى الليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا قالت : فانطلقت أنا وأم مِسْطَح، وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف. وأمها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وابنُها مِسْطَح بن أُثَاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وأم مِسْطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مِسْطَح في مرطها، فقالت : تعس مِسْطَح. فقلت لها : بئس ما قلت، أَتَسُبِّين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت : أي هنتاه، أو لم تسمعي ما قال؟ فقلت : وما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، وقالت : أشهد بالله إنك من المؤمنات الغافلات. فازددتُ مرضاً على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل عليَّ رسول الله - ﷺ - ثم قال :« كيف تِيكُمْ » ؟ فقلت له أتأذن لي أن آتي أَبَوَيّ؟ قالت : وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت : فأذن لي رسول الله - ﷺ - فقلت لأمي : يا أماه، ماذا يتحدث الناس؟ قالت : يا بنية، هَوِّني عليك، فوالله لقلَّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضراء إلا كَثَّرنَ عليها.