وقرأ الحسن :« يُسْرعُونَ » من أسْرَعَ. قال الزجاج : يُسَارِعُونَ أبلغ. يعني : من حيث إن المفاعلة تدل على قوة الفعل لأجل المبالغة.
قوله :﴿ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ في الضمير في « لَهَا » أوجه :
أظهرها : أنه يعود على الخيرات لتقدمها في اللفظ.
وقيل : يعود على الجنة. وقال ابن عباس : إلى السعادة. وقال الكلبي : سبقوا الأمم إلى الخيرات. والظاهر أن « سَابِقُونَ » هو الخبر، و « لَهَا » متعلق به قُدّم للفاصلة وللاختصاص. واللام، قيل : بمعنى ( إلى )، يقال : سبقت له، وإليه، بمعنى ومفعول « سَابِقُون » محذوف، تقديره : سابقون الناس إليها. وقيل : اللام للتعليل، أي : سابقون الناس لأجلها. وتكون هذه الجملة مؤكدة للجملة قبلها، وهي ﴿ يُسَارِعُونَ فِي الخيرات ﴾، ولأنها تفيد معنى آخر وهو الثبوت والاستقرار بعدما دلَّت الأولى على التجدد.
وقال الزمخشري : أي : فاعلون السَّبق لأجلها، أو سابقون الناس لأجلها قال أبو حيان وهذان القولان عندي واحد. قال شهاب الدين : ليسا بواحد إذ مراده بالتقدير الأول : أن لا يقدر السبق مفعول ألبتة، وإنّما الغرض الإعلام بوقوع السبق منهم من غير نظرٍ إلى مَنْ سبقوه كقوله :« يُحْيِي وَيُمِيتُ »، و « كُلُوا واشْرَبُوا »، و « يعطي ويمنع » وغرضه في الثاني تقدير مفعول حذف لدلالة، واللام للعلة في التقديرين وقال الزمخشري أيضاً : أو : إيّاها سابقون. أي : ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم في الدنيا. قال شهاب الدين : يعني أن « لَهَا » هو المفعول ب « سَابِقُونَ »، وتكون اللام قد زيدت في المفعول، وحسن زيادتها شيئان كل منهما لو انفرد لاقتضى الجواز، كَوْن العامل فرعاً، وكونه مقدّماً عليه معموله. قال أبو حيان : ولا يدل لفظ « لَهَا سَابِقُون » على هذا التفسير، لأنّ سبق الشيء الشيء يدل على تقديم السابق على المسبوق، فكيف يقول : وهم يسبقون الخيرات، هذا لا يصح. قال شهاب الدين : ولا أدري عدم الصحة من أي جهةٍ، وكأنّه تخيّل أنّ السابق يتقدم على المسبوق فكيف يتلاقيان؟ لكنّه كان ينبغي أن يقول : فكيف يقول : وهم ينالون الخيرات، وهم لا يجامعونها، لتقدمهم عليها إلاّ أن يكون قد سبقه القلم فكتب بدل ( وهم ينالون ) ( وهم يسبقون ) وعلى كل تقدير فأين عدم الصحة؟ وقال الزمخشري أيضاً : ويجوز أن يكون ﴿ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ خبراً بعد خبرٍ ومعنى « وَهُمْ لَهَا » كمعنى قوله :
٣٨٠١- أَنْتَ لَهَا أَحْمَد مِنَ بَيْنِ البَشَر... يعني : أن هذا الوصف الذي وصف به الصالحين غير خارج من حد الوسع والطاقة.
فتحصل في اللام ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها بمعنى ( إلى ).
الثاني : أنها للتعليل على بابها.
والثالث : أنها مزيدة. وفي خبر المبتدأ قولان :
أحدهما : أنه « سَابِقُونَ » وهو الظاهر.
والثاني : أنه الجار كقوله.



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
٣٨٠٢- أَنْتَ لَهَا أَحْمَد مِنْ بَيْنِ البَشَر وهذا قد رجّحه الطبري، وهو مروي عن ابن عباس.