وأيضاً فردّ حديث رسول الله - ﷺ - بهذا القدر من الكلام ليس جائزاً.

فصل


إذا عرض أمر في دار من حريق أو هجوم سارق، أو ظهور منكر فهل يجب الاستئذان؟ فقيل : كل ذلك مستثنى بالدليل.
فأما السلام فهو من سنة المسلمين التي أمروا بها، وهو تحية أهل الجنة، ومجلبة للمودة، ونافٍ للحقد والضغائن.
قال عليه السلام :« لمَّا خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال : الحمد لله، فحمد الله بإذن الله، فقال له الله : يرحمك ربك يا آدم، اذهب إلى هؤلاء الملائكة ( وهم ) ملأ منهم جلوس فقل : السلام عليكم، فلما فعل ذلك رجع إلى ربه فقال : هذه تحيتك وتحية ذريتك » وعن عليّ بن أبي طالب قال : قال رسول الله - ﷺ - « حق المسلم على المسلم ست : يسلِّم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، وينصح له بالغيب، ويشمِّته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، ويشهد جنازته إذا مات ».
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله - ﷺ - « إن سرَّكم أن يسل الغل من صدروكم فأفشوا السلام بينكم ».
قوله :﴿ ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾.
أي : إن فعل ذلك خير لكم وأولى بكم من الهجوم بغير إذن « لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ » أي : لتذكروا هذا التأديب فتتمسكوا به ﴿ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ ﴾ أي : فإن لم تجدوا في البيوت « أَحَداً » يأذن لكم في دخولها ﴿ فَلاَ تَدْخُلُوهَا حتى يُؤْذَنَ لَكُمُ ﴾ لجواز أن يكون هناك أحوال مكتومة، ﴿ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارجعوا فارجعوا ﴾ وذلك أنه كما يكون الدخول قد يكرهه صاحب الدار، فكذلك الوقوف على الباب قد يكرهه، فلا جرم كان الأولى له أن يرجع ﴿ هُوَ أزكى لَكُمْ ﴾ أي : الرجوع هو أطهر وأصلح لكم.
قال قتادة : إذا لم يؤذن له فلا يقعد على الباب، فإنَّ للناس حاجات، وإذا حضر فلم يستأذن وقعد على الباب منتظراً جاز.
كان ابن عباس يأتي الأنصار لطلب الحديث فيقعد على الباب ( حتى يخرج ) ولا يستأذن، فيخرج الرجل ويقول :« يا ابنَ عم رسول الله لو أخبرتني » فيقول : هكذا أمرنا أن نطلب العلم. وإذا وقف فلا ينظر من شق الباب إذا كان الباب مردوداً « لما روي أن رجلاً اطلع على النبي - ﷺ - من ستر الحجرة، وفي يد النبي - ﷺ - مدراء، فقال :» لو علمتُ أن هذا ينظرني حتى آتيه لَطَعْنتُ بالمدراء في عينه، وهل جعل الاستئذان إلا من أجل البصر «
قوله :﴿ والله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ أي : من الدخول بالإذن وغير الإذن.


الصفحة التالية
Icon