والثاني : أن جميع البدن معه عورة إلا الزينة الظاهرة.
وههنا آخر الصور التي استثناها الله تعالى، ( والرضاع كالنسب ).
قوله :﴿ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾.
قال ابن عباس وقتادة : كانت المرأة تمر بالناس وتضرب برجليها ليسمع قعقعة خلخالها، فنُهِينَ عن ذلك؛ لأن الذي تغلب عليه شهوة النساء إذا سمع صوت الخلخال يصير ذلك داعية له زائدة إلى مشاهدتهن، وعلل تعالى ذلك بقوله :﴿ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾ وفي الآية فوائد :
الأولى : لما نهي عن استماع الصوت الدال على وجود الزينة، فلأن يدل على المنع من إظهار الزينة أولى.
الثانية : أن المرأة منهية عن رفع صوتها بالكلام بحيث يسمع ذلك الأجانب، إذ كان صوتها أقرب إلى الفتنة ( من صوت خلخالها، ولذلك كرهوا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت، والمرأة منهية عنه.
الثالثة : تدل على تحريم النظر إلى وجهها بشهوة، لأن ذلك أقرب إلى الفتنة ).
قوله تعالى :﴿ وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَا المؤمنون ﴾. قال ابن عابس : توبوا مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة. وقيل : تُوبُوا من التقصير الواقع منكم في أمره ونهيه. وقيل : راجعوا طاعة الله فيما أمركم ونهاكم من الآداب المذكورة في هذه السورة.
قوله :« أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ ». العامة على فتح الهاء وإثبات ألف بعد الهاء، وهي « ها » التي للتنبيه. وقرأ ابن عامر هنا وفي الزخرف « يأَيُّهُ السَّاحِر » وفي الرحمن « أَيُّهُ الثقلان » بضم الهاء وصلاً، فإذا وقف سكن.
ووجهها : أنه لما حذفت الألف لالتقاء الساكنين استحقت الفتحة على حرف خفي، فضمت الهاء إتباعاً. وقد رُسِمَتْ هذه المواضع الثلاثة دون ألف، فوقف أبو عمرو والكسائي بألف والباقون بدونها اتباعاً للرسمِ، ولموافقة الخط للفظ. وثبتت في غير هذه المواضع حَمْلاً لها على الأصل نحو :« يَأَيُّهَا النَّاسُ »، « يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » وبالجملة فالرسم سنة متبعة.