وقيل : هو عام في المسلمات والكتبيات وإنَّمَا قال :« وَلاَ نِسَائِهِنَّ » لأنهن من أجناسهن، وقد الآباء لأن اطلاعهم على بناتهم أكثر، وكيف وهم رأوا جميع بدن البنات في حال صغرهن ثم الأبناء ثم الإخوة وذلك ظاهر، إنما الكلام في بني الإخوة حيث قدمهم الله عليه على بنات الأخواتِ لأن بني الأخوات آباؤهم في بني الإخوة حيث قدمهم الله عليه على بنات الأخواتِ لأن بين الأخوات آباؤهم ليس المحارم خالات أبنائهم وبني الإخوة آباؤهم محارم أيضاً، ففي بني الأخوات مفسدة ما وهي أن الابن ربما يحكي خالته عند أبيه وهو ليس بمحرم ولا كذلك بنوة الإخوة. فإن قيل : لم يذكر الله تعالى من المحارم الأعمام والأخوال ولم يقل : ولا أعمامهن ولا أخوالهن؟.
فالجواب من وجهين :
أحدهما : أن ذلك معلوم من بني الإخوة وبني الأخوات لأن من علم أن بني الأخ للعمّات محام علم أن بنات الأخ عند آبائهم وهم غير محارم وكذلك الحال في ابن الخال.
قوله :﴿ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ ذكر هذا بعد الكل، فإن المفسدة في التكشف لهم ظاهرة، واختلفوا في عبد المرأة هل يكون محرماً لها فقيل يكون لها لقوله :﴿ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾، وقيل : المراد من كان دون البلوغ.
قوله :« واتَّقِينَ » عطف على محذوف أي امْتَثِلْنَ ما أُمرْتُنِ بِهِ واتَّقِينَ اللَّهَ أن يراكنّ غير هؤلاء، وقوله :﴿ إِنَّ الله كَانَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾ في غاية الحسن في هذا الموضع لأن ما سبق إشارة إلى جواز الخلوة بهم والتكشف لهم فقال إن الله شاهد عند اختلاء بعضكم ببعض فخلوتكم مثل ملئكم بشهادة الله فاتقوا الله فإنه شهيد على أعمال العباد.
قوله :﴿ إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي ﴾ العامة على نصب « الملائكة » نَسَقاً على اسم « إن » و « يُصَلُّونَ » هل هو خبر عن « اللَّه وملائكته » أو عن « الملائكة » فقط، وخبر الجلالة محذوف لتغاير الصلاتين خلاف. وقرأ ابن عباس وُرَويت عن أبي عمرو : وَمَلاَئِكَتُهُ رفعاً فيحتمل أنْ يكون عطفاً على محل اسم « إِنَّ » عند بعضهم، وأن يكون مبتدأ والخبر محذوف وهو مذهب البصريين، وقد تقدم فيه بحث نحو : زَيْدٌ ضَارِبٌ وعَمْرٌو أي ضَارِبٌ فِي الأَرْضِ.
فصل
لما أمر بالاستئذان وعدم النظر إلى نسائه احتراماً له كمل بيان حرمته وذلك أن حالاته منحصرة في حالتين حالة خلوة فذكر ما يدل على احترامه في تلك الحالة بقوله :﴿ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي ﴾ وحالة بكونه في ملأ والملأ إما الملأ الأعلى وإما الملأ الأدنى أما احترامه في الملأ الأعلى فإن الله وملائكته يصلون عليه، وأما احترامه في الملأ الأدنى فقوله :﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾.