﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ]، ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ حكي عن الحسن على هذا التأويل أنه قال :« وحملها الإنسان » يعني الكافر والمنافق حمل الأمانة أي خان، والأول قول السلف.
قوله :« لِيُعَذِّبَ » متعلق بقوله :« وحَمَلَهَا » فقيل : هي لام الصيرورة لأنه لم يحملها لذلك، وقيل : لام العلة على المجاز لما كانت نتيجة حمله ذلك جعلت كالعلة الباعثة.
فصل
قال مقاتل :﴿ لِّيُعَذِّبَ الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ بما خانوا الأمانة ونقضوا الميثاق. ثم قال :﴿ وَيَتُوبَ الله عَلَى المؤمنين والمؤمنات ﴾، قرأ الأعمش برفع « ويتوب » على الاسئناف أي يهديهم ويرحمهم بما أدوا من الأمانة، وقال ابن قتيبة عرضنا الأمانة ليظهر نفاقُ المنافق وشرك المشرك فيعذبهما الله ويظهر إيمان المؤمن فيتوب الله عليه أي يعود عليه بالرحمة والمغفرة إن حصل منه تقصير في الطاعات، وعطف المشرك على المنافق ولم يُعِدْ اسمه تعالى فلم يقل :« ويُعَذِّبَ اللَّهُ المُشْرِكين » وعند التوبة أعاد اسمه وقال :﴿ ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ﴾ ولو قال : يتوب على المؤمنين والمؤمنات كان المعنى حاصلاً ولكنه أراد تفضيل المؤمن على المنافق فجعله كالكلام المستأنف ويجب هناك ذكر الفاعل فقال « ويتوب الله » ثم قال :﴿ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ لما ذكر في الإنسان وصفين الظلوم والجهول ذكر من أوصافه وصفين فقال :﴿ وكان الله غفوراً رحيماً ﴾ أي كان غفوراً للظالم رحيماً على الجهول.
روى الثَّعْلَبِيُّ عن أبي أُمَامَةَ عن أبيِّ بن كعب قال : قال رسول الله - ﷺ - « مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الأَحْزَاب وَعَلَّمَهَا أَهْلَهُ وَمَا مَلَكَتْ يمِينُه أُعْطِيَ الأَمَانَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ »