قوله :﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ ﴾ لما بين حالة المكذب بالساعة ورد عليه بقوله :﴿ قُلْ بلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾ [ سبأ : ٣ ] ثم بين ما يكون بعد إتيانها من جزاء المؤمن على عمله الصالح وجزاء الساعي في تكذيب الآيات بالتعذيب على السيئات وبين حال الكافر والمؤمن بعد قوله عليه ( الصلاة و ) السلام- « بَلَى وَرَبِّي لَتَأتِيَنَّكُمْ » فقلا المؤمن الذي أنزل إليك من ربك الحق وهو يهدي وقال الكافر المنكر للبعث متعجباً :﴿ هَلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ ﴾ يخبركم يعنون محمداً ﷺ - وهذا كقول القائل في الاستبعاد : جاء رجل يقول : إنَّ الشمسَ تَطْلُعُ من المَغْرِب؛ إلى غير ذلك من المحاولات.

فصل


إذَا مُزِّقْتُم « إذا » منصوب بمقدر أي تُبْعَثُون وتُحْشَرُون وَقْتَ تمزيقكم لدلالة :﴿ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ عليه ولا يجوز أن يكون العامل « يُنَبِّئُكُمْ » لأن التنْبِيئَة « لأن التنْبِئَة لم تقع ذلك الوقت ولا » خَلْقٍ جَدِيدٍ « لأن ما بعد » إنَّ « لا يعمل فيما قبلها. ومن توسع في الظرف أجازه هذا إذا جعلنا » إذَا « ظَرفاً محضاً، فغن جعلناه شرطاً كان جوابها مقدراً أي تبعثون وهو العامل في » إذَا « عند جمهور النحاة. وجوَّز الزجاج أن تكون معمولة لمُزِّقتُهْم، وجعله ابن عطية خطأ وإفساداً للمعنى، قال أبو حيان : وليس بخطأٍ ولا إفساد.
وقد اختلف في العامل في »
إذا « الشرطية، والصحيح أن العامل فيها فعلُ الشرط كأخواتها من أسماء الشرط وقال شهاب الدين : والجمهور على خلافِهِ ثم قال أبو حيان : والجملة الشرطية تحتمل أن تكون معمولة » لِيُنَبِّئُكُمْ « لأن في معنى : يقول لكم إذا مزقتم تُبْعَثُونَ، ثم أكد ذلك بوقوله :﴿ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ ويحتمل أن يكون :﴿ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ ﴾ معلقاً » لِيُنَبِّئُكُمْ « سادًّا مسد المفعولين ولوللا اللام لفتحت » أن « وعلى هذا فحملة الشرط اعتراض، وقد مَنَعَ قوم التلعيقَ في » اعلم « وبابها والصحيح جوازه، قال :
٤١٠٨- حَذَارِ فَقَدْ نُبِّئْتَ إنَّكَ لَلَّذِي سَتُجْزَى بِمَا تَسْعَى فَتَسْعَد أو تَشْقَى
وقرأ زيْدُ بْنُ عليِّ بإبدال الهمزة ياء، وعنه يُنْبِئُكُمْ مِنْ »
أَنْبَأَ « كأكْرَمَ و » مُمَزَّق « فيه وجهان :
أحدهما : أنه اسم »
مصدر « وهو قياس كلّ ما زاد على الثلاث أن يجئ مصدره وزمانه ومكانه على زنة اسم مفعوله أي كُلَّ تَمْزِيقِ.
والثاني : أنه ظرف مكان، قاله الزمخشري، أي كل تمزيق من القبور وبطون الوحش والطير، ومن مجئ مُفَعَّل مجيء التَّفْعِيل قوله :
٤١٠٩- ألَمْ تَعْلَمِي مُسَرِّحِي القَوافي فَلاَ عيَّا بِهِنَّ وَلاَ اجْتلاَبَا
أي تسريحي، والتمزيق التخريق والتقطيع، يقال ثَوبٌ مُمَزَّقٌ ومَمْزَّقٌ ويقال : مزَّقَهُ فهو مَازِقٌ ومَزِقٌ أيضاً قال :


الصفحة التالية
Icon