قوله :« أَنْ اشْكُرْ » في « أن » وجهان :
أحدهما : أنها مفسرة.
والثاني : أنها مصدرية في محل نصب « وصّينا » قاله الزجاج، لما كان الوالدان سببَ وجود الولد والموجد في الحقيقة للولد والوالدين هو الله أمر بأن يشكر قبلهما. ثم بين الفرق بين « إِلَيَّ المَصِيرُ » أي المرجع، قال سفيان بن عيينة في هذه الآية من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين في أَدْبَار الصَّلَوَاتِ الخَمْس فقد شكر الوالدين.
قوله :﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ على أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا ﴾ يعني أن خدمتهما واجبة، وطاعتهما لازمة ما لم يكن فيها ترك طاقة الله فإن أفضى إليه فلا تُطِعْهُما، وتقدم تفسير الآية في العنكبوت. وقوله :« مَعْرُوفاً » صفة لمصدر محذوف أي صِحَاباً مَعْروفاً وقيل : الأصل : بمعروف.
قوله :﴿ واتبع سبيل من أناب إليّ ﴾ أي دين من أقبل إلى طاعتي وهو النبي - ﷺ - قال عطا عن ابن عباس : يريد : أبا بكر، وذلك انه حين أسلم أتاه عثمانُ وطلحة والزبير وسعدُ بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عَوْف وقالوا له :( لقد ) صَدَّقْتَ هذا الرجل وآمنت به قال نعم هو صادق فآمنوا ثم حملهم إلى النبي - ﷺ - حتى أسلموا وهؤلاء لهم سابقة الإسلام أسلموا بإرشاد أبي بكر قال الله ( تعالى ) :﴿ واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ يعني أبا بكر.
قوله :« إِلَي » متعلق « بأَنَاب » ثم « إِليَّ » متعلق بمحذوف لأنه خبر « مرجعكم » فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تعملون. قيل : نزلت هاتان الآيتان في سَعْدِ بْنِ أبي وَقَّاص وأمِّه، وقيل : الآية عامة.
قوله :﴿ يابني إِنَّهَآ ﴾ هذا الضمير يرجع إلى الخطيئة، وذلك أن ابنَ لقمان قال لأبيه : يا أبت إنْ عملت الخطيئةَ حيث لا يراني أحد كيف يعلمها ( الله ) ؟ فقال :﴿ يابني إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ ﴾. قوله :« إِنْ تَكُ » الضمير ضمير القصة، والجملة الشريطة مفسرة ( للضمير )، وتقدم أن نافعاً يقرأ مِثْقَال بالرفع على أن كَانَ تامة وهو فاعلها وعلى هذا فيقال : لم ألحقت فله تاء التأنيث؟ قيل : لإضافته إلى مؤنث؛ ولأنه بمعنى « زِنَةُ حَبَّةٍ »، وجوز الزمخشري في ضمير « إِنَّهَا » أن تكون للحبة من السيئات والإحسان في قراءة من نصب « مِثْقَال ». وقيل : الضمير يعود على ما يفهم من سياق الكلام أي إنَّ التي سألتَ عنها ( إنْ تَكُ )، قال المفسرون : إنه سأل أباه أرأيت الحَبَّةَ تقع في مغاص البحر يعلمها الله؟.
قوله :« فتكن » الفاء لإفادة الاجتماع يعني إن كانت صغيرة ومع صغرها تكون خفيةً في موضع حريز كالصَّخْرَةِ لا تخفى على الله لأن الفاء للاتصال بالتعقيب وقرأ عبد الكريم الجَحْدَريُّ « فَتكِنَّ » بكسر الكاف، وتشديد النون مفتوحة أي فتستقر.