وردَّ أبو حيانَ هذا الإطلاق وقيده بأنه لا بدّ أن تكون الواو غير مدغم فيها تحرزاً من التعوذ وأن تكون غير مصححة في الفعل فإنها متى صحت في الفعل لم تبدل همزة نحو : تَرَهُوَكَ تَرَهْوُكاً، وتَعَاوَنَ تَعَاوُناً. وهذا القيد الآخر يبطل قولهم لأنها صحت في :« تَنَاوَشَ يَتَنَاوَشُ »، ومتى سلم له هذان القيدان أو الأخير منهما ثَبَتَ رده. والتَّنَاوُشُ الرجوعُ، قال :

٤١٤٣- تَمَنَّى أَنْ تَئُوبَ إلَيَّ مَيٌّ وَلَيْسَ إلى تَنَاوُشِهَا سَبِيلُ
أي إلى رجوعها. وقيل : هو التناول يقال : نَاشَ كذا أي تَنَاوَلَهُ ومنه تَنَاوشَ القَوْمُ بالسِّلاح كقوله :
٤١٤٤- ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أبِيهِ تَنُوشُهُ لِلَّهِ أَرْحَامٌ هُنَاكَ تَشَقَّقُ
وقال آخر :
٤١٤٥- وهي تَنُوشُ الْحَوْضَ نَوْشاً مِنْ عَلاَ نَوْشاً به تقطَع أجْوَازَ الفَلاَ
وفرق بعضهم بين المهموز وغيره فجعل المهموز بمعنى التأخير. وقال الفراء : من نَأَشْتُ أي تَأَخَّرْتُ. وأنشد :
٤١٤٦- تَمَنَّى نَئِيشاً أَنْ يَكُونَ مُطَاعُنَا وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأُمُورِ أُمُورُ
وقال آخر :
٤١٤٧- قَعَدْتَ زَمَاناً عَنْ طِلاَبِكَ لْلعُلاَ وَجِئْتَ نَئِيشاً بَعَْ مَا فَاتَكَ الخَيْرُ
وقال الفراء أيضاً : هما متقاربان يعني الهمزة وتركها مثل ذِمْتُ الشيء وذَأَمْتُهُ أي عِبْتُهُ وانْتَاشَ انْتَاشَ انِتْيَاشاً كَتَنَاوَشَ وقال :
٤١٤٨- كَانَتْ تَنُوشُ العنق انْتِيَاشا وهذا مصدر على غير المصدر، و « مِنْ مَكَانٍ » متعلق بالتَّنَاوُشِ.

فصل


المعنى كيف لهم تناول ما بعد وهم الإيمان والتوبة وقد كان قريباً في الدنيا فضيّعوه وهذا على قراءة من لم يهمز وأما من همز معناه هذا أيضاً. وقيل : التناوش بالهمز من النَّيْشِ وهي حركة في إبطاء، يقال : جاء نيْشاً أي مُبْطِئاً متأخراً والمعنى من أي لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه.
قال ابن عباس : يسألون الرد فيقال : وأنَّى لهم الردُّ إلى الدنيا « من مكان بعيد » أي من الآخرة إلى الدنيا.
قوله :﴿ وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ ﴾ جملة حالية. وقوله « به » أي بالقرآن. وقيل : بالله أو محمد- عليه ( الصلاة و ) السلام-.
وقيل : بالعذاب أو البعث. و « من قبل » أي من قبل نزول العذاب. وقيل : من قبل أن عاينوا أهوال القيامة، ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والأول أظهر.
قوله :﴿ وَيُقْذَفُونَ ﴾ يجوز فيها الاستئنافُ والحال، وفيه بعد. عكس الأول لدخول الواو على مضارع مثبت. وقرأ أبو حيوة ومجاهد ومحبوب عن أبي عمرو : ويُقْذَفُونَ مبنياً للمفعول أي يُرْجَمُونَ بما يسوؤهُمْ من جزاء أعمالهم من حيث لا يحْتسبون.

فصل


ويقذفون قال مجاهد : يرمون محمداً ﷺ بالظن لا باليقين وهو قولهم : ساحرٌ وشاعرٌ وكاهنٌ. ومعنى الغيب هو الظن لأنه غاب علمه عنهم والمكان البعيد بعدهم عن علم ما يقولون والمعنى يَرْمُونَ محمداً بما لا يعلمون من حيث لايعلمون.
وقال قتادة :« أي يرجمون بالظن يقولون لا بعثَ ولا جنةَ ولانَارَ ».
قوله :﴿ وَحِيَل ﴾ تقدم في الإشمام والكسر أو البقرة.


الصفحة التالية
Icon