قوله :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنَزَلَ مِنَ السمآء مَآءً ﴾ قيل : الخطاب للنبي - ﷺ - وفيه حمكة وهي أن اله تعالى لما ذكر الدلائل ولم ينتفعوا قطع الكلام منهم والنعت إلى غيرهم كما أن السيد إذا نصح بعض عبيده ولم ينزجر يقول لغيره : اسمع ولا تكمن مثل هذا. ويكرر معه ما ذكره للأول ويكون فيه إشْعار بأنه الأول فيه نقيصه لا يصلح للخطاب فينبّه له ويدفع عن نفسه تلك النقيصة وأيضاً فلا يخرج إلى كلام أجنبيِّ عن الأول بل يأتي بما يقاربه لئلا يسمع الأول كلاماً آخر فيترك التفكر فيهما كان من النصيحة.
قوله :﴿ فَأَخْرَجْنَا ﴾ هذا التفات من الغيبة إلى التكلم وإنما كان كذلك لأن المنة بالإخراج أبلغ من إنزال الماء و « مُخْتلِفاً » نعت « لَثَمَرَاتٍ » و « ألوانها » فاعل به ولولا لأنَّث « مختلفاً » ولكنه لما أسند إلى جميع تكسير غير عاقل جاز تذكيره ولو أنت فقيل مختلفة كما يقول اختلفتْ ألوانُها لجاز. وبه قرأ زيدُ بن علي.
قوله :﴿ وَمِنَ الجبال جُدَدٌ ﴾ العامة على ضم الجيم وفتح الدال جمع « جُدَّةٍ » وهي الطريقة قال ابن بحر : قِطَعٌ من قولك : جَدَدْتُ الشَّيْءَ قَطَعْتُهُ وقال أبو الفضل الرازي : هي ما يخالق من الطرائق لون ما يليها ومنه جُدّة الحمار للخط الذي في ظهره وقرأ الزُّهْرِيُّ جُدُد بضم الجيم والدال جمع جَدِيدَةٍ يقال : جَدِيدَة وجُدُد وجَدَائِدُ، قال أبو ذؤيب :
٤١٥٨-........................ | جَوْنُ السَّرْاةِ لَهُ جَدَائِدُ أَرْبَعُ |
قوله :﴿ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ﴾ مختلف صفة « لجُدَد » أيضاً، « ألوانها » فاعل به كما تقدم في نظيره ولا جائز أن يكون « مُخْتَلِفٌ » خبراً مقدماً و « ألوانها » مبتدأ مؤخر والجملة صفة؛ إذ كان يجب أن يقال مختلفة لِتَحَمُّلِهَا ضمير المبتدأ وقوله :﴿ أَلْوَانُهَا ﴾ يحتمل معنيين :
أحدهما : أن البياض والحمرة يتفاوتان بالشدة والضعف فرُبَّ أبْيَضَ أشدَّ من أبْيَضَ وأحْمَرَ أشدَّ من أحْمَرَ فنفيس البياض مختلف وكذلك الحمرة فلذلك جمع ألوانها فيكون من باب المُشْكِل.
والثاني : أن الجُدَد كلها على لونين بياض وحرمة فالبياض والحرمة وإن كان لونين إلا أنهما جمعا باعتبار مَحَالِّهِمَا.
قوله :﴿ وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدهما : أنه معطوف على « حُمْرٌ » عطفُ ذِي لَوْنٍ على ذِي لَوْنٍ.
والثاني : أنه معطوف على « بيض ».