٤١٨٢- تَعَزَّ فَلاَ شَيْءٌ عَلَى الأَرْضِ بَاقِيا | وَلاَ وَزَرٌ مِمَّا قَضَى اللَّهُ وَاقِيَا |
فصل
قيل : المراد بالمستقر يوم القيامة فعندها تستقر ولا يقى لها حركة وقيل : تَسِيرُ حتَّى تَنْتَهِيَ إلى أبعد مغاربها فلا تتجاوزه ثم ترجع وقيل : الليل وقيل : نهاية ارتفاعها في الصيف ونهاية هبوطها في الشتاء « وروى أبو ذَرّ قال : قال رسول الله - ﷺ - لأبي ذر حين غربَتِ الشمس :» تدري أين تذهب « ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حت تسجُدَ تحت العرش فتستأذنَ فيؤذَنَ لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل ( منها ) وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها : ارْجِعِي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله :» والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم « وروى عَمْرُو بن دِينَار عن ابن عباس والشمس ( تجري ) لا مستقرّ لها أي لا قرار لها ولا وقوف وهي جارية أبداً.
قوله :﴿ ذَلِكَ ﴾ إشارة إلى جَرْي الشَّمْس أي ذلك الجري تقدير الله، ويحتمل أن يكون إشارة إلى المستقر أي ذلك المستقر تقدير الله العزيز الغالب والعليم الكامل العلم أي قادر على إجرائها على الوجه الأنفع وذلك من وجوه :
الأول : أن الشمس لو مرّت كل يوم على مُسَامَتَةٍ واحدة لاحترقت ( الأرض ) التي تُسَامِتُها بمرورها عليها لك يوم وبقي الجمود مستولياً على الأماكن الأُخَر فقدر الله لها بُعْداً لتجمع الرطوبات في باطن الأرض والإسخان في زمان الشتاء ثم قدر قربها بتدريج ليخرج النبات والثمار من الأرض والشجر ويَنْضُجَ ويَجفَّ.
الثاني : قدر لها في كل يوم طُلُوعاً وفي كل ليلة غروباً، لئلا تَكِلَّ القوى والأبصار بالسهر والتعب ولئلا يَخْرُبَ العالم بترك العِمَارة بسبب الظلمة الدائمة.
الثالث : جعل سيرها أبطأ من سير القمر وأسرع من سير زُحَلَ لأنها كاملة النور فلو كانت بطيئةً السير لدامتْ زماناً كثيراً في مُسَامَتَةِ شيء واحد فتحرقه ولو كانت سريعة السير لما حصل لها لبث بقَدْر ما ينضج من الثمار في بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ.
قوله :﴿ والقمر قَدَّرْنَاهُ ﴾ قرأ نافع وابن كثير وأبو عمور برفع » القمر « والباقون بنصبه فالرفع على الابتداء والنصب بإضمار فعل على الاشتغال والوجهان مستويان لتقدم جملةٍ ذاتِ وجهين وهي قوله :﴿ والشَّمْسُ تجري ﴾ فإن راعيت صدرها رفعت لتعطف جملة اسمية على مثلها وإن راعيت عَجُزَهَا نصبت لتعطف جملة اسمية على مثلها وإن راعيت عَجْزَهَا نصبت لتعطف فعلية على مثلها وبهذه الآية يبطل ( قول ) الأخفش : إنه لا يجوز النصب في الاسم إلا إذا كان في جملة الاشتغال ضمير يعود على الاسم الذي تضمنته جملةٌ ذات وجهين : قال : لأن المعطوف على الخبر خبر فلا بد من ضمير يعود على المبتدأ فيجوز :» أَزْيْدٌ قَامَ وعمراً أكْرَمْتُه فِي دَارِهِ « ولو لم يقل » في داره « لم يجز ووجه الردّ من هذه الآية أن أربعة من السبعة نصَبُوا وليس في جملة الاشتغال ضمير يعود على الشمس وقد أجمع على النصب في قوله تعالى :