وتقول العرب : فِي كُلّ شَجَرٍ نَارٌ واستمجد المَرْخُ العَفَار. وقالت الحكماء : في كل شجرنا إلا العنّاب.
قوله :﴿ فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ ﴾ أي تَقْدحُون وتُوقدون النار من ذلك الشجر، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان فقال ﴿ أَوَلَيْسَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض بِقَادِرٍ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ﴾ هذه قراءة العامة ودخلت الباء زائدة على اسم الفاعل، والجَحْدَرِيّ وابن أبي إسحاق والأعرج « يَقْدر » فعلاً مضارعاً والضمير لتضمنهم مَنْ يعقل ثم قال :« بلى » ( أي قل بلى ) هو قادر على ذلك ﴿ وَهُوَ الخلاق العليم ﴾ ( يخلق خلقاً بعد خلق ) العليم بجميع ما خلق و « بَلَى » جواب « للَيْسَ » وإن دخل عليها الاستفهام لتصيرها إيجاباً والعامة على « الخَلاَّقُ » صيغة مبالغة، والجَحْدَريّ والحَسَن ومالكُ بن دينَارٍ « الخَالِقُ » اسم فاعل.
قوله :﴿ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ تقدم الخلاف في « فيكون » نصباً ورفعاً وتوجيه ذلك في البقرة.
قوله :﴿ فَسُبْحَانَ الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ قرأ طلحةُ والأعمش مَلَكَةُ بزنة شَجَرَةٍ. وقرئ مَمْلَكَة بزنة مَفْعَلَةٍ وقرئ مُلْكُ والملكوت أبلغ الجميع، والعامة على « تُرْجَعُونَ » مبنياً للمفعول، وزيدُ بن عليِّ مبنيًّا للفاعل وتقدم الكلام على قوله « سُبْحَانَ » والتسبيحُ التنزيه، والمكوتُ مبالغة في المُلْك كالرَّحَمُوت والرَّهَبُوت، وهو فَعَلُول أو فَعلَلُوت فيه كلام، قال - عليه ( الصلاة و ) السلام- :« اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس » وقال عليه ( الصلاة و ) السلام :« لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبٌ، وإنَّ قَلْبَ القُرآنِ سُورَةُ يس وَمنْ قَرَأ يس كَتَب اللَّهُ لَهُ بقراءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّات » وعن عائشة قالت :« قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - : إنَّ فِي القرآن سُورَةً تَشْفَعُ لقَارِئها ويُغْفَر لمُسْتَمِعِها أَلاَ وِهِيَ سُورَة يس » وعن أبي بكر الصديق- رضي الله عنه - قال :« قال رسول الله - ﷺ - يس تُدْعَى المُعِمَّة قيل : يا رسول الله : وما المُعمَّة؟ قال : تَعُمّ صاحبها خَيْرَ الدُّنْيَا والآخِرَة وتُدْعَى الدافِعَة القَاضِيَة تَدْفَعُ عَنه كُلَّ سُوءٍ وتَقْضِي له كُلَّ حَاجَةٍ، وَمَنْ قَرَأهَا عَدَلَتْ لَهُ عِشْرينَ حَجّةً ومَنْ سَمِعَهَا كَانَ لَهُ أَلْفُ دِينَارٍ في سَبِيل اللَّهُ وَمَنْ كَتَبَهَا وَشَربَهَا أدْخَلَتْ جَوْفَه ألفَ دَواء وألْفَ يَقين وألفَ رَأْفَةٍ ونُزعَ منه كُلُّ دَاءٍ وغِلّ، وعن أبي أُمامَةَ عن أبيِّ بن كعب قال : قال رسول الله - ﷺ - مَنْ قَرَأ يس يُريدُ بها وَجْهَ- عَزَّ وَجَلَ- غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وأعْطِيَ منَ الأَجْر كَأَنَّما قَرَأ القُرْآنَ اثْنَتَي عَشْرَةَ مَرَّةً، وأَيُّمَا مَرِيض قُرئَ عنءدَه سورةُ يٍ نَزَلَ عَلَيْهِ بِقَدْر كُلِّ حَرْف عَشْرَة أمْلاك، يَقُومُون بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفاً فيصَلُّون عَلَيْهِ ويَسْتَغْفِرون علَيه ويَشْهَدونَ قَبْضَهُ وغُسْلَهُ وَيتّبِعُونَ جَنَازَتُه ويُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَشْهَدُون دَفْنَهُ وأَيُّما مَريض قَرَأ سُورَةَ يس وَهُو فِي سَكَرَاتِ المَوْتِ لَمْ يَقْبضْ مَلَكُ الموتِ رُوحَه حَتَّى يَجِيئَهُ رَضْوَانُ خَازنُ الجِنَانِ بشَرْبةٍ مِن الجَنَّة فَيَشْرَبُها وهُوَ عَلَى فِرَاشِه فَيموتُ وَهُو رَيَّانُ ويُبْعَثُ وَهُوَ رَيَّانُ، وَيُحَاسَبُ وَهُو رَيَّانُ وَلاَ يَحْتَاج إلَى حَوْضٍ مِنْ حياض الأنْبِيَاء، حَتَّة يَدْخُلَ الجَنَّةَ وَهُوَ رَيَّان »


الصفحة التالية
Icon