﴿ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً ﴾ [ الواقعة : ٧ ] أي أشكالاً وأشباهاً، وتقول « عندي من هذا أزواج » أي أمثال، وتقول : زَوْجَان من الخُفِّ لأن كل واحد منهما نظير الآخر وكذلك الرجل والمرأة يُسَمَّيَانِ زَوْجَيْنِ متشابهين، وكذلك العدد الزوج، وقال الضحاك ومقاتل قرناؤهم من السوء الشياطين كل كافر مع شيطانه في سلسلة وقال الحسن : أزواجهم : المشركات، وما كانوا يعبدون من دون الله في الدنيا يعني الأوثان والطواغيت. وقال مقاتل : يعني إبليسَ وجنودَه لقوله :« ألاَّ تَعْبُجُوا الشَّيْطَانَ » « فاهْدُوهم إٍلى صراط الجحيم »، قال ابن عباس : دلوهم إلى طريق النَّارِ. وقال ابن كيسان والأَصَمّ قدموهم والعرب تسمي السابق هادياً. وقال الواحدي : وهذا وهم لأنه يقال هَدَى إذا تقدم ومنه الهَادِيَةُ والهَوَادِي، وهَادِيَاتُ الوحش، ولا يقال هَدَى بمعنى قدم. « وَقِفُوهُمْ » يقال وَقَفْتُ الدَّابَة أَقِفُها وَقْفاً فوَقَفَتْ هي وُقُوفاً قال المفسرون : لما سِيقُوا إلى النار حبسوا عند الصراط لأن السؤال عند الصراط فقال :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ قال ابن عباس : عن أقوالهم وأفعالهم.
وقيل : تسألهم الخزنة :« ألم يأتكم نذير رسل منكم »، ( رسل ) بالبينات قولوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين. ويجوز أن يكون هذا السؤال هو قوله بعد ذلك :﴿ مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ ﴾ ( أي لا تسألون ) ( توبيخاً لهم فيقال ) : ما لكمن لا يتناصرون قال ابن عباس : لا ينصر بعضُكم بعضاً كما كنتم في الدنيا وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر : نحْن جميعٌ منتصر فقيل لهم يوم القيامة : ما لكم لا تَنَاصَرُون، وقيل : يقال للكفار : ما لشركائكم لا يمنعونكم من العذاب.
قوله :﴿ مَا لَكُمْ ﴾ يجوز أن يكون منقطعاً عما قبله والمسؤول عنه غير مذكور ولذلك قدره بعضهم عن أعمالهم ويجوز أن يكون هو المسؤول عنه في المعنى فيكون معلقاً للسؤال و « لاَ تَنَاصَرُونَ » جملة حالية العامل فيها الاستقرار في « لكم » وقيل : بل هي على حذف حَرْفِ الجرِّ وأن الناصبة فلما حذفت « أن » ارتفع الفعل. والأصل في أن لا وتقدمت قراءة البَزِّي لا تناصرون بتشديد التاء وقرئ تَتَنَاصَرُونَ على الأصل.
قوله ( تعالى ) :﴿ بَلْ هُمُ اليوم مُسْتَسْلِمُونَ ﴾ قال ابن عباس : خاضعون. وقال الحسن منقادون، يقال اسْتسْلَمَ للشيء إذا انقاد له وخضع والمعنى هم اليوم أذلاّء منقادون لا حِيلَة لهم في دفع تلك المضارّ.


الصفحة التالية
Icon