« اللَّهُ أكبرُ خَرِبَتُ خَيْبَر إنَّا إذا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قوْمِ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ».
قوله :﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴾
قيل : المراد من هذه الكلمة فيما تقدم أحوال الدنيا وفي هذه الكلمة أحوال القيامة وعلى التقديرين فالتكرير زائل، وقيل : المراد من التكرير المبالغة في التَّهديد والتَّهْويلِ.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله أولاً :« وَأَبْصِرهُمْ » وههنا قال :« وَأَبْصِرْ » بغير ضمير؟
فالجواب أنه حذف مفعول « أبصر » الثاني إمَّا اختصراً لدلالة الأولى عليه وما اقتصار تقنُّناً في البلاغة ثمَّ إنَّهُ تعالى ختم السورة بتنزيه نفسه عن كل ما لا يليق بصفات الإلهيّة فقال :﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزة ﴾ أي الغلبة والقوة، أضاف الربَّ إلى العزة لاختصاصه بها كأنه قيل : ذُو العِزَّة، كما تقول : صاحب صدق لاختصاصه به. وقيل : المراد بالعزة المخلوقة الكائنة بيْن خلقه.
ويترتب على القولين مسألة اليمين.

فصل


قوله :﴿ رَبِّكَ رَبِّ العزة ﴾ الربوبية إشارة إلى كمال الحكمة والرحكمة والعزة إشارة إلى كمال القدرة، فقوله :« رب العزة » يدل على أنه القادر على جميع الحوادث، لأن الألف واللام في قوله :« العزة » يفيد الاستغراق وإذا كان الكل ملكاً له لم يبق لغيره شيء فثبت أن قوله :﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ كلمة محتوية على أقصى الدرجات وأكمل النهايات « وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ »، الذين بلغوا عن الله التوحيد بالشرائع « وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبَّ العَالَمِينَ » على هلك الأعداد ونصر الأنبياء - عليه ( الصلاة و ) السلام-.
رُوي عن عليِّ - رضي الله عنه - قال « مَنْ أَحَبَّ أنْ يَكْتَالَ بِالمِكْيَالِ الأَوْفَى مِنَ الأَجْرِ فَلْيَكُنْ آخِرَ كَلاَمِهِ مِنْ مَجْلِسِهِ : سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وسَلامٌ على المُرْسَلينَ والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ورَوَى أبو أمامة عن أبيِّ بن كعب قال :» قال رسول الله - ﷺ - من قرأ سورة « والصافات » أُعْطِيَ مِنَ الأَجْرِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ بِعَدَدِ كُلِّ جنِّيِّ وَشَيْطَانِ وَتَبَاعَدَتْ مِنْهُ مَرَدَةُ الشياطين وَبِرئَ مِنَ الشِّرْكِ وشَهِدَ لَهُ حَافِظَاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أنَّه كَانَ مُؤْمِناً «.
والله سبحانه وتعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon