( قوله ) :﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ العبد ﴾ المخصوص بالمدح محذوف أي نعم العبد سليمانُ، وقيل : داود؛ لأنه وصفه بهذا المعنى وقد تقدم حيث قال :﴿ ذَا الأيد إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ ص : ١٧ ] والأول أظهر لأنه هو المسوق للحديث عنه، وقرئ : بكسر العين وهي الأصل كقوله :
٤٢٦٨-.................. | نِعْمَ السَّاعُونَ فِي القَوْمِ في القوم الشُّطُر |
فصل
قوله :﴿ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ يدل على أنه كان نعم العبد لأنه كان أواباً؛ أي كثير الرجوع إلى الله في أكثر أوقاته ومهماته.
قوله :﴿ إِذْ عُرِضَ ﴾ في ناصبه أوجهٌ :
أحدها :« نِعْمَ » : وهو أضعفها؛ لأنه لا يتقيد مدحه بوَقْتٍ، ( و ) لِعدم تصرف « نِعْمَ » قال ابن الخطيب : التقدير نعم العبد إذْ كَانَ من أعماله أنَّه فَعَلَ كَذَا.
الثاني :« أواب » وفيه تقييد وصفه بذلك بهذا الوقت.
والثالث : اذكر مقدّراً، وهو أسلمها.
والعَشِيُّ من العصر إلى آخر النهار. والصَّافِنَاتُ جمع صَافن، وفيه خلاف بين أهل اللغة فقال الزجاج : هو الذي يقف على إحدى يديه ويقف على طرف سنبكه، وقد يفعل ذلك بإحدى رجليه قال وعي علامة الفراهة وأنشد :
٤٢٦٩- أَلِفَ الصُّفُونَ فَلاَ يَزَالُ كَأَنَّهُ | مِمّا يَقُومُ عَلَى الثُّلاثِ كَسِيرا |
وقيل : هو القائم مطلقاً أي سواء كان من الخيل، أو من غيرها، قاله القُتَبِيّ واستدل ( بحديث ) وبقوله عليه ( الصلاة و ) السلام « مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقُومَ النَّاسُ لَهُ صُفُوناً فَلْيَتَبوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّار » أي يديمون له القيام. وحكاه قطرب أيضاً وجاء في الحديث « قُمْنَا صُفُوناً » أي صافِّين أقدامَنا، وقيل : هو القيام مطلقاً سواء وقفت على طرف سنبك أم لا، قال الفراء : على هذا رأيت أشعارَ العرب، وقال النابغة :
٤٢٧٠- لَنَا قُبًّةٌ مَضْرُوبَةٌ بِفنَائِهَا | عِتَاقُ المَهَارَى والجِيَادُ الصَّوَافِنُ |
قوله :﴿ حُبَّ الخير ﴾ فيه أوجه :
أحدها : هو مفعول أحببت لأنه بمعنى آثرت، و « عن » على هذا بمعنى « عَلَى » أي على ذكر ربِّي، لأنه روي أن عرض الخيل حتى شغلته عن صلاة العصر أول الوقت حتى غَربت الشَّمْسُ.
وقال أبو حيان- وكأنه منقول عن الفراء- إنّه ضمن « أَحْبَبْتُ » معنى آثرتُ، حيث نصب « حب الخير » مفعولاً ( به ) وفيه نظر؛ لأنه متعد بنفسه وإنما يحتاج إلى التضمين وإن لم يكن مُتَعَدِّياً.
الثاني : أن « حب » مصدر على حذف الزوائدة ولاناصب له « أَحْبَبْتُ ».