والمصدر يعمل منوناً كما يعمل مضافاً. أو يكون خالصة اسم فاعل على بابه، « وذكرى » بدل أو بيان لها أو منصوب بإضمار أعني، أو مرفوع على إضمار مبتدأ و « الدار » يجوز أن يكون مفعولاً به « بذكرَى » وأن يكون ظرفاً إما على الاتِّساع، وإما على إسقاط الخافض. ذكرهما أبو البقاء و « خالصة » إذا كانت صفة فهي صفة لمحذوف أي بسبب خَصْلَةٍ خالصة.
فصل
من قرأ بالإضافة فمعناه أخلصناهم بذكرى الدار الآخرة إن لم يعملوا لها، والذّكرى بمعنى الذكر. قال مالك بن دينار : نزعنا من قلوبهم حب الدنيا وذكرها وأخلصناهم بحب الآخرة وذكرها، وقال قتادة : كانوا يَدعُون إلى الآخرة وإلى الله عزّ وجلّ. وقال السدي : أخلصوا الخوْف للآخرة، وقيل : أخلصناهم بأفضل ما في الآخرة، قال ابن زيد. ومن قرأ بالتنوين فمعناه بخُلّةٍ خالصةٍ وهي ذكرى الدار فتكون « ذكرى الدار » بدلاً عن الخاصلة أو جعلناهم مخلصين بما اخترنا من ذكر الآخرة والمراد بِذكرى الدار : الذكر الجميل الرفيع لهم في الآخرة.
وقيل :( إنهم ) أبقى لهم الذكر الجميل في الدنيا، وقيل : هو دعاؤهم ﴿ واجعل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخرين ﴾ [ الشعراء : ٨٤ ].
قوله :﴿ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ المصطفين الأخيار ﴾ أي المختارين من أبناء جنسيهم، والأخيار : جمع خَيْر أو خَيِّر- بالتثقيل والتخفيف - كأموات في جميع مَيِّتٍ أومَيْتٍ. واحتج العملاء بهذه الآية على إثبات عصمة الأنبياء لأنه تعالى حكم عليهم بكونهم أخياراً على الإطلاق وهذا يعم حصلو الخيرية في جميع الأفعال ولاصفات بدليل صحة الاستثناء منه.
قوله تعالى :﴿ واذكر إِسْمَاعِيلَ واليسع وَذَا الكفل وَكُلٌّ مِّنَ الأخيار ﴾ وهم ( قوم ) آخرون من الأنبياء تحملوا الشدائد في دين الله، وقد تقدم شرح أصحاب هذه الأسماء في سورة « الأنعام ».