الخامس : أن يكون الخبر مقدراً كما تقدم أي ولهم آخر و « مِنْ شَكْلِهِ » و « أزواج » صفتان لآخر، وقرأ العامة « من شَكْله » بفتح الشين، وقرأ مجاهد بكسرها وهما لغتان بمعنى المثل والضرب. تقوله : هذَا عَلَى شَكْلِهِ أي مثله وضربه وأما الشِّكْل بمعنى الغنج فبالكسر لا غير. قاله الزمخشري وقرأ البَاقُونَ وآخر بفتح الهمزة عليه من غير تأويل لأنه مفرد إلا أن في أحد الأوجه يلزم الإخبار عن المفرد بالجمع أو وصف المفرد بالجمع لأن من جملة الأوجه المتقدمة أن يكون « أزواج » خبراً عن « آخر » أو نعت له كما تقدم. وعنه جوابان :
أحدهما : أن التقدير وعذاب آخر أوم ذوق آخر، وهو ضروب ودرجات فكان في قوة الجمع أو يجعل كل جزء من ذلك الآخر مثل الكل وسماه باسمه وهو شائع كثير نحو غَلِيظ الحَوَاجب وشابت مفارقه.
على أن لقائل أن يقول : إن « أزواجاً » صفة للثلاثة الأشياء أعني الحميم والغساقَ وآخرَ من شكله فيلغي السؤال.
قوله :﴿ هذا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ﴾ مفعول « مقتحم » محذوف أي مُقْتَحِمٌ النار، والاقتحام الدخول في الشيء بشدة والقُحْمةُ الشدة. وقال الراغب : الاقتحام توسط شدة مخيفة ومنه قَحَمَ الفرسُ فارسَه أي توغل به ما يخاف منه، والمقاحيم الذين يقتحمون في الأمر الذي يتجنب.
قوله :﴿ مَعَكُمْ ﴾ يجوز أن يكون نعتاً ثانياً « لِفَوْجٍ » وأن يكون حالاً من الضمير المستتر في « مُقْتَحِمٌ » قال أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون طرفاً لفساد المعنى، قال شهاب الدين : ولَمْ أدرِ من أي وجه يفسد والحالية والصفة في المعنى كالظرفية، وقوله :« هَذَا فَوْجٌ » إلى « النار » يجوز أن يكون من كلام الرؤساء بعضهم لبعض بدليل قول الأتباع « لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوه لَنَا » وأن يكون من كلام الخَزَنَة، ويجوز أن يكون « هَذَا فَوجٌ » من كلام الملائكة والباقي من كلام الرؤساء. وكان القياس على هذا أن يقال : بَلْ هُمْ لا مرحباً بهم لا يقولون للملائكة ذلك إلا أنهم عدلوا عن خطاب الملائكة إلى خطاب أعدائهم تشفياً منهم. والمعنى هنا جمع كثيف وقد اقتحم معكم النار كما كانوا قد اقتحموا معكم في الجهل والضلال، والفَوْجُ القطيعُ من النَّاسِ وجمعه أفواجٌ.
( قوله ) :﴿ ﴾ في « مرحباً » وجهان :
أظهرهما : أنه مفعول بفعل مقدر أي لا أتيتم مرحباً ( أولا سعتم مرحباً.
والثاني : أنه منصوب على المصدر قاله أبو البقاء أي لا رَجُبَتكُمْ دارُكُمْ مَرْحَباً ) بل ضِيقاً، ثم في الجملة المنفية وجهان :
أحدهما : أنها مستأنفة سِيقَتْ للدعاء عليهم، وقوله :« بِهِمْ » بيان للمدعُوِّ عليهم.


الصفحة التالية
Icon