والثاني : أنه عطف على الاستفهام مجازه : الذي جعل لِلَّهِ أندَاداً.
فصل
القانت : هو القائم بما يجب عليه من الطاعة، ومنه قوله عليه ( الصلاة و ) السلام :« أَفْضَلُ الصَّلاَةِ صَلاَةُ القُنُوت » وهو القائم فيها ومنه القُنُوت لأنه يدعوا قائماً، وعن ابن عمر أنه قال : لاَ أعْلَمُ القنوتَ إلا قَرَاءَةَ القُرْآنِ وطولَ القيام وتلا :« أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ » وعن ابن عباس : القنوت الطاعة كقوله :﴿ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴾ [ البقرة : ١١٦ ] أي مطيعون.
قوله :﴿ آنَآءَ الليل ﴾ آناءَ منصوب على الظرف وتقدم اشتقاقه، والكلام في مفرده، والمعنى ساعات الليل. وفي هذه الآية دلالة على أن قيام الليل أفضل من قيام النهار، قال ابن عابس- في رواية عَطَاءٍ- : نَزَلَتْ في ( أبي بكر الصدِّيقِ، وقال الضحاك : نزلت في أبي بكر وعمر، وعن ابن عمر : أنها نزلت في عثمانَ وعن الكلبي : أنها نزلت في ) ابْن مَسْعودٍ، وعَمَّارٍ وسَلْمَانَ.
قوله :﴿ سَاجِداً ﴾ حال و « قائماً » حال أيضاً وفي صاحبها وجهان :
أظهرهما : أن الضمير المستتر ( في ) « وقانت ».
والثاني : أنه الضمير المرفوع بِيَحْذَرُ « قدماً على عاملهما، والعامة على نصبهما.
وقرأ الضحاك برفعهما على أحد وجهين، إما النعت » لِقَانِتٍ « وإما أنها خبرٌ عبد خبرٍ.
قوله :﴿ يَحْذَرُ الآخرة ﴾ يجوز أن يكون حالاً من الضمير في » قَانِت « وأن يكون حالاً من الضمير في » ساجداً « و » قائماً « وأن يكون مستأنفاً جواباً لسؤال مقدر كأنه قيل : ما شأنه يقنت آناء الليل ويتعب نفسه ويكدّها؟ فقيل : يحذر الآخرة ويرجُو رحمه ربهن أي عذاب الآخرة. وفي الكلام حذف، والتقدير كمن لا يفعل شيئاً من ذلك، وإنمَّا حَسَّنَ هذا الحذف دلالةُ ذكر الكافر قبل هذه الآية وذكر بعدها ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ والتقدير : هل يستوي الذين يعملون وهم الذين صفتهم أنهم يقنتون آناء الليل ساجداً وقائماً والذين لا يعملون وهم الذين صفتهم عند البلاء والخوف يوحدون وعند الراحة والفراغ يشركون، وإنما وصف الله الكفار بأنهم لا يعلمون لأنه تعالى وإن آتاهم آلة العلم إلا أنهم أعرضوا عن تحصيل العلم فلذها جعلهم الله كأنهم ليسوا أُولِي الأَلْبَابِ من حيث إنّهم لم ينتفعوا بعقولهم وقلوبهم.
قوله :﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ قيل : الذين يعلمون » عمار « والذين لا يعملون أبو حُذَيْفَة المَخْزُوميّ، وهذا الكلام تنبيه على فضيلةِ العلم قيل لبعض العلماء : إنكم تقولون العلم أفضل من المال ( ثم نرى العلماء عند أبواب الملوك ) ولا نرى الملكوك عند أبواب العلماء فأجاب بأن هذا أيضاً يدل على فضيلة العلم لأن العلماء علموا ما في المال من المنفعة فطلبوه، والجهال لم يعرفوا ما للعلم من المنافع فلا جَرَمَ تركوه.
( قوله ) :﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الألباب ﴾ قرئ : إنَّمَا يذكر بإدغام التاء في الذال.