قوله :﴿ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا ﴾ تقدم الكلام على نحو « أَوَلَوْ » وكيف هذا التركيب، والمعنى قُلْ يا مُحَمَّدُ أوَ لَوْ كانوا أي وإن كانوا يعني الآلهة ﴿ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً ﴾ من الشفاعة أنكم تعبدونهم، وجواب هذا محذوف تقديره وإن كانوا بهذه الصفة تتخذونهم.
قوله :﴿ قُل لِلَّهِ الشفاعة جَمِيعاً ﴾ قال مجاهد : لا يشفع أحدٌ إلا بإذنه ﴿ لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.
قوله :﴿ وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت ﴾ نفرت، قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل : أي انْقَبَضَتْ عن التَّوحيد وقال قتادة استكبرتْ، وأصل الاشمئزاز النُّفور والاسْتِكبَار ﴿ قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ﴾ وهذا نوع آخر من أعمال المشركين القبيحة ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ ﴾ يعني الأصنام ﴿ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ يعني يفرحون. قال مجاهد ومقاتل : وذلك حيث قرأ النبي - ﷺ - سورة والنجم فألقى الشيطانُ في أُمْنِيَّةِ « تلك الغَرَانيق العُلاَ » ففرح به الكفار.
قوله :﴿ وَإِذَا ذُكِرَ الذين ﴾ قال الزمخشري : فإن قلتك ما العامل في :« إذَا ذُكِرَ » ؟
قلت : العامل فيه « إذا » الفجائية تقديره وقت ذِكْرِ الَّذِينَ من دونه فَاجَأوا وَقْتَ الاستبشار.
قال أبو حيان : أما قول الزمخشري فلا أعلمه من قول من ينتمي إلى النحو وهو أن الظرفين مَعْمولاَن « لِفَاجَأُوا » ثُمَّ « إذا » الأول تنصب على الظرفية والثانية على المفعولية وقال الحَوْفي :« إذَا هُمْ يَسْتبشرُونَ » « إذَا » مضافة إلى الابتداء والخبر، و « إذا » مكررة للتوكيد، وحذف ما يضاف إليهن والتقدير : إذا كان ذلك هم يَسْتَبْشِرونَ، فيكون ( هم يستبشرون ) هو العامل في « إذا » المعنى : إذا كان كذلك استبشروا.
قال أبو حيان : هذا يبعد جداً عن الصواب إذا جعل « إذَا » مضافة إلى الابتداء والخبر، ثم قال و « إذا » مكررة للتوكيد وحذف ما يضاف إليه إلى آخره كلامه ( فإذا كانت إذا حذف ما يضاف إليه ) فكيف تكون مضافة إلى الابتداء والخبر الذي هو « هم يستبشرون »! وهذا كله يوجبه عدم الإتقان لعلم النحو والتحذف فيه، انتهى.
قال شهاب الدين : وفي هذه العبارة تحامل على أهل العلم المرجوع إليهم فيهم واختار ابو حيان أن يكون العامل في « إذا » الشرطية الفعل بعدها لا جوابها وأنها ليست مضافة لما بعدها سواء كانت زماناً أم مكاناًأما إذا قيل : إنها حرف فلا يحتاج إلى عامل وهي رابطة لجملة الجزاء بالشرط كالفاء.
والاشْمِئزَازُ النفور والتَقَبض وقال أبو زيد : هو الذعر، اشمأزَّ فُلاَنٌ أي ذعر ووزنه افْعَلَلَّ كاقْشَعَرَّ، قال الشاعر :
- إذَا عَضَّ الثِّقَافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ | ووَلَّتهُ عَشَوْزَنَه زَبُونَا |