ولما بالغ في تخويفهم بأحوال أهل الآخرة أردفه بيان تخويفهم بأحوال أهل الدنيا فقال ﴿ أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ والمعنى أن العال من اعتبر بغيره، فإن الذين مَضَوْا من الكفار كانوا أشد قوة من هؤلاء الحاضرين من الكفار، وأقوى آثاراً في الأرض أي حصونهم وقصورهم وعساكرهمخ، فملا كذبوا رسلهم أهلكهم الله عاجلاً حتى إن هؤلاء الجاحدين من الكفار شاهدوا تلك الآثار فحذرهم الله من مثل ذلك وقال ﴿ وَمَا لَهُم مِّنَ الله مِن وَاقٍ ﴾ [ الرعد : ٣٤ ] أي لما نزل العذاب بهم لم يجدوا مُعِيناً يخلصهم.
قوله « فَيَنْظُرُوا » يجوز أن يكون منصوباً في جواب الاستفهام، وأن يكون مجزوماً نَسَقاً على ماقبله كقوله :
٤٣٣١ أَلَمْ تَسْأَلْ فَتُخْبِرْكَ الرُّسُومُ | ....................... |
قوله « مِنْهُمْ » قُوَّةً « قرأ ابن عامر » مِنْكُمْ « على سبيل الالتفات، وكذلك هو في مصاحفهم، والباقون » منهم « بمضير الغيبة جرياً على ما سبق من الضمائر الغائبة.
قوله :» وَآثاراً « عطف على » قوة « وهو في قوة قوله » وَتَنْحتُونَ مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ «. وجعله الزمخشري منصوباً بمقدر، قال : أو أراد أكثر آثاراً كقوله :» مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً « ( يعني وَمُعْتَقِلاً رُمْحاً ) ؟ ولا حاجة إلى هذا مع الاستغناء عنه.
قوله » ذَلِكَ « أي ذلك العذاب الذي نزل بهم ﴿ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ الله إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ العقاب ﴾ وهو مبالغة في التخويف والتحذير.