قوله :﴿ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ ﴾ أي يطع الله ورسوله وهذا بيان لزيادة ثوابهن كما بين زيادة عقابهن ﴿ نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ﴾ في مقابلة قوله :﴿ يضاعف لها العذاب ضعفين ﴾ وفيه لطيفة وهي أن عند إيتاء الأجر ذكر الموفي وهو الله وعند العذاب لم يصرح بالعذاب فقال :« يضاعف » وهذا إشارة إلى كمال الرحمة والكرم. قوله :﴿ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَآ ﴾ قرأ الأخوان « ويَعْمَلْ ويُؤْتِ » - بالياء من تحت فيهما، والباقون « وتعمل » بالتاء من فوق و « نُؤْتها » بالنون، فأما الياء في « ويعمل » فلأجل الحمل على لفظ « من » وهو الأصل والتاء من فوق على معناها إذا المراد بها مؤنث ويرشح هذا قتدم لفظ المؤنث وهو « منكنّ » ومثله قوله :
٤٠٨٥ - وإِنَّ مِنَ النِّسْوَانِ مَنْ هِيَ رَوْضَةٌ | ........................ |
فصل
معنى أجْرَهَا مَرَّتَيْن أي مثل أجر غيرها، قال مقاتل : مكان كل حسنةٍ عشرون حسنةً ﴿ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ﴾ يعني الجنة، ووصف رزق الآخرة بكونه كريماً مع أن الكرم لا يكون وصفاً إلا للرزاق، وذلك إشارة إلى أن الرزق في الدنيا مقدر على أيدي الناس، التاجر يسترزق من السوقة، والعاملين والصناع من المتعلمين والملوك من الرعية منهم، فالرزق في الدنيا لا يأتي بنفسه وإنما هو مستمر للغير يمسكه ويرسله إلى الأغيار، وأما في الآخرة فلا يكون له ممسك ومرسل في الظاهر فهو الذي يأتي بنفسه فلأجل هذا لا يوصف في الدنيا بالكريم إلا الرازق وفي الآخر يوصف بالكريم نفس الرزق.