وقال مجاهد : ترجى من تشاء منهن يعني تعزل من تشاء منهنّ بغير طلاق وترد إليك من تشاء بعد العزل بلا تجديد عقد، وقال ابن عباس : تطلق من تشاء منهن وتُمْسك من تشاء وقال الحسن : تترك نكاح من شئت وتنكح من شئت من تشاء من أمتك وقال : كان النبي - ﷺ - إذا خَطب امرأة لم يكن لغيره خِطْبَتُهَا حتى يتركها رسول الله - ﷺ - وقيل : تَقْبَلُ من تشاء من المؤمنات اللاتي يهبن أنفسهن لك فتؤويها إليك وتَتْرُكُ من تشاء فلا تقبلها، روى هشامٌ عن أبيه قال : كانت خَوْلَةٌ بنتُ حَكِيم من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي - ﷺ - فقالت عائشة : أما تستحي المرأة انت تَهَب نفسها للرجل فلما نزلت ﴿ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ ﴾ قالت : يا رسول الله. ما أرى ربُّكَ إلاّ يُسارع في هَوَاكَ.
قوله :« وَمَن ابْتَغَيْتَ » يجوز في « من » وجهان :
أحدهما : أنها شرطية في محل نصب بما بعدها وقوله :﴿ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾ جوابها، والمعنى من طلبتها من النسوة اللاتي عزلتهن فليس عَليك في ذلك جناح.
والثاني : أن تكون مبتدأة، والعائد محذوف وعلى هذا فيجوز في « مَنْ » أن تكون « موصولة » وأنْ تكون شرطية، و ﴿ فلا جناح عليك ﴾ خبر، أو جواب أي التي ابتغيها. ولا بد حينئذ من ضمير راجع إلى اسم الشرط من الجواب أي في ابتغائها وطلبها، وقيل : في الكلام حذف معطوف تقديره : ومن ابتغيتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ وممن لم تعزل سواء، لا جناح عليك كما تقول :« مَنْ لَقِيَكَ ممَّن لَمْ يَلْقكَ جميعُهم لَكَ شَاكرٌ » يريد من لقيك ومن لم يلقك وهذا في إِلغاز.
قوله :« ذَلِكَ » أي التفويض إلى مشيئتك ﴿ أدنى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ ﴾ أي أقرب إلى قرة أعينهن، والعامة « تَقَرَّ » مبنياً للفاعل مسنداً « لأعينهن » وابن مُحِيْصِن « » تُقرّ « من » أقر « - رباعياً - وفاعله ضمير المخاطب ( و ) » أَعْيُنُهُنَّ « رفع لقيامه مقام الفاعل وتقدم معنى » قرة العين « في مريم.