الزخرف قيل : هو الذَّهَبُ، لقوله :﴿ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ ﴾ [ الإسراء : ٩٣ ].
وقيل : الزخرف الزينة، لقوله تعالى :﴿ حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت ﴾ [ يونس : ٢٤ ] فيكون المعنى نُعْطِيهم زينةً في كل بابٍ.
قوله :﴿ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الحياة الدنيا ﴾ قرأ حمزة وعاصم لَمَّا بالتشديد على معنى : وما كُل ذلك إلاّ متاع الحياة الدنيا. فكان لما بمعنى إلا. حكى سيبويه :« أَنْشَدْتُكَ بِالله لَمَّا فَعَلْتَ » بمعنى إلا. ويؤيد هذه القراءة قراءةٌ مَنْ قرأ : وَمَا ذَلِكَ إلاَّ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وخففه الآخرون على معنى : وكل ذلك متاع الحياة الدنيا. فتكون اللام للابتداء، وما صلة يريد : أن هذا كله متاع الحياة الدنيا وسماع متاعاً، لأن الإنسان يستمتع به قليلاً، ثم يزول ويذهب. وتقدم الخلاف في لما تخفيفاً وتشديداً في سورة هُودٍ.
قال أبو الحسن : الوجه التخفيف، لأن لما بمعنى إلا لا يُعْرَفُ. وحكي عن الكسائي أنه قال : لا أعرف وجه التثقيل. وقرأ أبو رَجَاءٍ وأبو حَيْوَةَ : لِمَا بكسر اللام على أنها لام العلة ودخلت على ما الموصولة، وحذف عائدها، وإن لم تَطُّلِ الصّلة، والأصل : الذي هو متاع، كقوله :﴿ تَمَاماً عَلَى الذي أَحْسَنَ ﴾ [ الأنعام : ١٥٤ ] برفع النون.
و « إنْ » هي المخففة من الثقيلة، و « كل » مبتدأ، والجار بعده خبره، أي وإنَّ كُلَّ ما تقدم ذكره كائنٌ لِلَّذِي هُوَ متاع الحياة. وكان الوجه أن تدخل اللام الفارقة، لعدم إعمالها، إلا إنها لما دَلَّ الدليلُ على الإثبات جاز حَذْفها، كما حذفها الآخر في قوله ( رحمه الله ) :

٤٤٠١ أَنَا ابْنُ أُبَامةِ الضَّيْم مِنْ آلِ مَالِكٍ وَإنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ المَعَادِنِ
قوله :﴿ والآخرة عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ خاصة، يعني الجنة للمتقين عن حب الدنيا.
قال ﷺ :« لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَزِثُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوَضَةٍ مَا سَقَى مِنْهَا كَافِراً قَطْرَةَ مَاءٍ ».
وروى المُسْتَوْردُ بنُ شداد قال :« كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله ﷺ على السحلة الميتة، فقال رسول الله ﷺ : أتُرى هذه هانت على أهلها حين ألقوها؟ قالوا : مِنْ هَوانِها أَلقَوْهات، قال رسول الله ﷺ :» فالدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أهْلِهَا «.
فإن قيل : لما بين تعالى أنه لو فتح على الكافر أبواب النعم لصار ذلك سبباً لاجتماع الناس على الكفر، فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سبباً لاجتماع الناس على الإسلام؟!.
فالجواب : لأن الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الإسلام، لطلب الدنيا، وهذا الإيمان إيمان المنافقين، فكان الأصوب أن يضيق الأمر على المسلمين حتى أن كل من دخل الإسلام فإنما يدخل لمتابعة الدليل، ولِطَلَبِ رضوان الله تعالى، فحينئذ يعظم ثوابه لهذا السبب.


الصفحة التالية
Icon