والثاني : أنه مصدر يطلق على الجماعة، تقول : سَلُفُ الرَّجُلُ يَسْلُفُ سَلَفاً أي تقدم، والسلف : كُلُّ شَيْءٍ قَدَّمْتَهُ من عمل صالحٍ، أو قرضٍ فهو سَلَفٌ، وسَلَفُ الرَّجُلِ آبَاؤُهُ المتقدمون، والجمع أَسْلاَفٌ وسُلاَّفٌ قال طفيل :

٤٤١٤ مَضَوْا سَلَفاً قَصَدَ السَّبِيلُ عَلَيْهِم صُرُوفُ المَنَايَا بِالرِّجَالِ تَقَلَّبُ
وقرأ عليٌّ مُجَاهِدٌ رضي الله عنهما سُلَفاً بضم السين. وفيه وجهان :
أشهرهما : أنه جمع سُلْفَةٍ كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ. والسُّلْفَة الأُمَّةُ.
وقيل : الأصل سُلُفاً بضمتين، وإنَّما أبدل من الضمة فتحة.
وقوله :« مَثَلاً » إما مفعول ثان إن كانت بمعنى صير، وإلاَّ حالاً. قاق الفراءُ والزجاجُ : جعلناهم متفرقين ليتعظ بهم الآخرون، وهم كفار أمة محمد ﷺ والمعنى ومثلاً للآخرِينَ أي عِظة لمن بقي بعدهم وعبرة.
قال أبو علي الفارسي : المَثَلُ واحد يراد به الجمع، ومن ثم عطف على سلف والدليل على وقوعه ( على ) أكثر من واحد قوله تعالى :﴿ ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً ﴾ [ النحل : ٧٥ ]. فأدخل تحت المَثَل شَيْئَيْن وقيل : المعنى سلفاً لفكار هذه الأمة إلى النار، ومثلاً لمن يجيء بعدهم.


الصفحة التالية
Icon