الثاني : أنه معطوف على « سرهم ونَجْوَاهم » ( أي لا يعلم سِرَّهُمْ ) ولا يعلم قيله.
الثالث : عطف على مفعول « يَكْتُبُونَ » المحذوف، أي يكتبون ذلك، ويكتبون قِيلَهُ كذا أيضاً.
الرابع : أنه معطوف على معفول يعلمون المحذوف، أي يعلمون ذَلك ( ويعلمون ) قيله.
الخامس : أنه مصدر أي قَالَ قِيلهُ.
السادس : أن ينتصب بإضمار فعل، أي اللهُ يعلَمُ قيلَ رَسُولهِ. وهو محمدٌ ﷺ.
السابع : أن ينتصب على محلّ « بالحَقِّ »، أي شَهِندَ بالحقِّ وبِقيلِه.
الثامن : أن ينتصب على حذف القسم، كقوله :« فَذَاكَ أَمَانَةَ الهِ والثَّرِيدُ ».
وقرأ الأعرج وأبو قِلابة، ومجاهد والحسن، بالرفع، وفيه أوجه : الرفع، عطفاً على « علم الساعة »، بتقدير مضاف، أي وعنده علم قِيلِهِ، ثم حذف، وأقيم هذا مُقَامه.
الثاني : أنه مرفوع بالابتداء، والجملة من قوله :: يَا رَبِّ « إلى آخره هو الخبر.
الثالث : أنه مبتدأ وخبره محذوف، تقديره : وقيلهُ كَيْتَ وكَيْتَ مسموعٌ أو متقبلٌ.
الرابع : أنه مبتدأ أو صلة القسم، كقولهم : أيمُنُ اللهِ، ولَعَمْرُ اللهِ، فيكون خبره محذوفاً، والجواب كما تقدم. ذكره الزمخشري أيضاً. واختاره القراءة بالنصب جماعة. قال النحاس : القراءة البينة بالنصب من جهتين :
أحدهما : أن التفرقة بين المنصوب، وما عطف عليه مُغْتَفَرةٌ، بخلافها بين المخفوض وما عطف عليه.
والثانية : تفسير أهل التأويل بمعنى النصب. كأنه يريد ما قال أبو عبيدة قال : إنما هي في التفسير أم يحسبون أنا لا نسمع وسرهم ونجواهم ولا نسمع قيله يا رب.
ولم يرتض الزمخشري من الأوجه المتقدمة شيئاً. وإنما اختار أن يكون قَسَماً في القراءات الثلاث. وتقدم تحقيقها.
وقرأ أبو قِلاَبَةَ : يا ربِّ بفتح الباء، على قلب الياء ألفاً، ثم حذفهنا مجتزئاً عنها بالفتحة كقوله :
والأخفش يَطْردُها.٤٤٣٣....................... بِلَهْفَ وَلاَ بِلَيْتَ.................
قال ابن الخطيب بعد أن حكى قول الزمخشري : وأقول : الذي ذكره الزمخشري متكلفٌ أيضاً وها هنا إضمار، امتلاأ القرآن منه، وهو إضمار اذكر، والتقدير في قراءة النصب : واذكر قيله يا رب، وفي قراءة الجر : واذكر وَقْتَ قِيلِهِ يا رب، وإذا وَجَبَ التزامُ إضمار ما جرت العادة في القرآن بالتزامه، فالتزام إضماره أولى من غيره. وعن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أ، ه قال في تفسير قوله :» وَقِيلِهِ يَا رَبِّ « المراد : وقيل يا ربِّ. الهاء زائدة.
فصل
القيلُ مَصْدَرٌ، كالقَوْلِ، ومنه الحديث :» أنه نَهَى عن قِيلَ وقَالَ « وحكى اللَّيْثُ عن العرب تقولُ : كَثُر فيه القِيلُ والقَالُ. وروى شَمِرٌ عن أب زيد ياقل : ما أحسْنَ قِيلُكَ، وقَوْلُكَ، ومَقَالتُكَ، ومَقَالُكَ. والضمير في » وَقِيلِهِ « لرسول الله ﷺ والمعنى يعلم قَوْلَ محمدٍ ﷺ شاكياً إلى ربه، يا ربِّ إن هؤلاء قومٌ لا يؤمنون لما عرف إصرارهم، وهذا قريب مما حكى الله عن نوح ﷺ أنه قال :