وقرأ زيد بن علي : أَمْرٌ بالرفع. قال الزمخشري : وهي تُقَوِّي النصب على الاختصاص.
قوله :« مِنْ عِنْدنَا » يجوز أن يتعلق « بيُفْرَقُ » أي من جهتنا وهي لابتداء الغاية مجازاً.
ويجوز أن تكون صفة لأمراً.
قوله :﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ جواب ثالث، أو مستأنف، أو بدل من قوله : إنا كمنا منذرين. قال ابن الخطيب : أي إنا فعلنا ذلك الإنذار لأجل أَنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، يعني الأنبياء.
قوله :« رَحْمَةً » فيها خمسة أوجه :
الأول : المفعول له والعامل فيه : إما « أنزلناه »، وإما « أمراً »، وإما « يفرق »، وإما « منذرين ».
الثاني : مصدر بفعل مقدراً، أي رَحِمْنَا رحمة.
الثالث : مفعول بمرسِلِينَ.
الرابع : حال من ضمير « مرسلين »، أي ذَوِي رَحْمَةٍ.
الخامس : أنها بدل من « أَمْراً » فيجيء فيها ما تقدم، وتكثر الأوجه فيها حينئذ. و « مِنْ رَبِّكَ » يتعل برَحْمةٍ، أو بمحذوف على أنها صفة. وفي :« مِنْ رَبِّكَ » التفات من المتكلم إلى الغيبة ولو جرى على مِنْوَالِ ما تقدم لقال : رَحْمَةً مِنَّا.
فصل
قال ابن عباس ( رَضِيَّ اللهُ عَنُهُمْ ) : معنى رحمة من ربك أي رأفة مني بخلقي، ونعمةً عليهم بما بعثت إليهم من الرسل. وقال الزجاج : أنزلناه في ليلةٍ مباركة، « إنه هو السميع العليم » أي إن تلك الرحمة كانت رحمة في الحقيقة؛ لأن المحتاجين إما أن يذكروا حاجتهم بألسنتهم أول يذكروها فإن ذكروها فهو سميع، وإن لم يذكروها فهو تعالى عالمٌ بها.
قوله تعالى :﴿ السماوات والأرض ﴾ قرأ الكوفيون بخفض « رَبّ » والباقون برفعه. فالجر على البدل أو البيان، أو النعت، والرفع على إضمار مبتدأ، أو على أنه مبتدأ خبره :﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾.
فصل
المقصود من هذه الآية أن المنزِّل إذا كان موصوفاً بهذه الجلالة والكبرياء كان المُنزَّل الذي هو القرآن في غاية الشرف والرفعة. ثم قال :﴿ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴾ قال أبو مسلم معناه : إن كنتم تطلبونه وتريدونه فاعرفوا أن الأمور كما قلنا؛ كقولهم : فُلاَنٌ مُنْجِدٌ مُنْهِمٌ، أي يريد نَجْداً وتِهَامَةً. وقال الزمخشري : كانوا يقرون بأن ( رب ) السموات والأرض ربُّ خالقٌ فقيل لهم : إن إرسلنا الرسل وإِنْزَالَنَا الكتبَ رحمةً من الرّ ثم قال : إن هذا الرب هو السميع العليم الذي أنتم مقرون به، ومعترفون بأنه رب السموات والأرض وما بينهما إن كان إقراركم عن علم ويقين، كما تقول : هذا إنْعَامُ زَيْد الّذِي تَسَامَع الناسُ بكَرَمِهِ إن بَلَغَكَ حديثُه وسمعت بصِيتِهِ. والمعنى إن كنتم موقنين بقوله. ﴿ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ﴾، وأن إقرارهم غير صادر عن علم ويقين ولا عن حد وحقيقة بل قول مخلوط بهُزْءِ ولَعِبٍ.
قوله تعالى :﴿ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ﴾ العامة على الرفع، بدلاً أو بياناً أو نعتاً لرب السموات فيمن رفعه أو على أنه مبتدأ، وةالخير : لا إله إلا هو.