واقل قتادة : هو تبَّعٌ الْحِمْيَريّ، وكان سار بالجيوش حتى حير الحيرة وبنى سمرقند، وكان من ملوك اليمن يسمى تُبَّعاً لكثرة أتباعه، كل واحد منهم يسمى تبعاً، لأن يتبع صاحبه، وكان هذا يعبد النار، فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام، وهم حِمْيَر. فكذبوه. ( قال ابن إسحاق : وكان اسمه بيان أسعد أبو كرب وقصَّتُهُ مسرودة؛ لأ، ه كان يعبد الأوثان، وأنه أسلم على يد حَبْرَيْنِ عالميْن، وأنه أتى البيت الحرام فطاف به، ونحر عنده، وحلق رأسه، وأقام بمكة ستة أيا ينحر بها للناس ويُطْعِمُ أهلها ويسقيهم العسل، وأُري في المنام أن يكْسُوَ البيت، فكساه الخَصَفَ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافري، ثم أري يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملا والوصائل. وكان تبع أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من خزاعة فأمرهم بتطهيره، وأن يقربوه دَماً ولا مِيتةَ، و لامِيلاَثاً، وهي المحايِضُ وجعل له باباً ومفتاحاً، وقصته مع الحَبْرَينِ مشْهُورة وأيضاً وأنه رَجَعَ إلى اليمن وتبع الحبرين على دينهما ولذك كان أصل دين الهيودية باليَمَنِ ).
فإن قيل : ما معنى قوله :﴿ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ﴾ مع أنه لا خير في الفريقين؟
فالجواب : أن معناه أهم خير في القوة والشوكة كقوله تعالى :﴿ أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ ﴾ [ القمر : ٤٣ ] بعد ذكر آلِ فِرْعَوْنَ.
قوله :﴿ والذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون معطوفاً على قوم « تُبَّع ».
الثاني : أن يكون مبتدأ، وخبره ما بعده من :« أَهْلَكْنَاهُمْ » وأما على الأول :« فأَهْلَكْنَاهُمْ » إما مستأنفٌ وإما حال من الضمير المستكنِّ في الصلة.
الثالث : أن يكون منصوباً بفعل مقدر يفسره « أَهْلَكْنَاهُمْ » ولا محلّ ل « أهلكناهم » حينئذ.
قوله تعالى :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ ﴾ لما أنكر على كفار مكة قولهم ووبخهم بأنه أضعف ممن كان قبلهم ذكر الدليل القاطع على صحة القول بالعبث والقيامة، فقال :﴿ وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ﴾ أي لو لم يحصل البعث لكان هذا الخلق لعباً وعبثاً وقد تقدم تقدير هذا الدليل في أول سورة يونس، وفي آخر سورة المؤمنين عند قوله :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ [ المؤمنون : ١١٥ ] وفي « ص » عند قوله :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السمآء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ﴾ [ ص : ٢٧ ] وتقدم أيضاً استدلال المعتزلة بنظير هذه الآية على أنه تعالى لا يخلق الكفر والشرك و لايريدهما وتَقَدّمَ جَوَابُهُمَا.
قوله :« لاَعِبِينَ » حال. وقرأ عَمْرُو بْنُ عُبَيْد : وَمَا بَيْنَهُنَّ، لأن السموات والأرض جمعٌ. والعامة :« بينهما » باعتبار النوعين.
قوله « إلاَّ بالْحَقِّ » حال إما من الفاعل وهو الظاهر وإما من المفعول أي إلاَّ مُحِقِّينَ أو ملتبسين بالحق ثم قال :﴿ ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ( يعني أهل مكة ).


الصفحة التالية
Icon