قوله :﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ الله حَقٌّ ﴾ العامة على كسر الهمزة لأ، ها محكيَّةٌ بالقول، والأعْرَجُ وعمرو بن فائدٍ بفتحها. وذلك مُخَرَّجُ على لغة سُلَيْمٍ يُجْرون القولم مُجْرَى الظَّنِّ مطلقاً ومنه قوله :

٤٤٤٧ إذَا قُلْتُ أَنِّي آيِبٌ أهْلَ بَلْدَةِ ...........................
قوله :« وَالسَّاعة : قرأ حمزة بنصبها عطفاً على » وَعْدَ اللهِ « الباقون برفعها، وفيه ثلاثة أوجه :
الأول : الابتداء، ما بعدها من الجملة المنفية خبرها.
الثاني : العطف على محل إنّ واسمها معاً، لأن بعضهم كالفارسيِّ والزمخشري يَرَوْنَ أن ل »
إنّ « واسْمِها موضعاً وهو الرفع بالابتداء.
قوله :»
إلاَّ ظَنًّا : هذه الآية لا بدّ فهيا من تأويل، وذلك أنه يجوز تفريغ العامل ملا بعده من جميع معمولاته مرفوعاً كان أم غير مرفوع، إلا المفعول المطلق، فإنه لا يفرغ له، لا يجوز : مَا ضَرَبْتُ إلاَّ ضَرْباً لأنه لا فائدة، وذلك أنه بمنزلة تكرير الفعل، فكأنه في قوة : مَا ضَرَبْتُ إلاَّ ضَرْباً لأنه لا فائدة فيه، وذلك أنه بمنزلة تكرير الفعل، فكأنه قو قوة : مَا ضَرَبْتُ إلاَّ ضَرْبتُ. قاله مكي وأبو البقاء. وقال الزمخشري : فإن : قلت : ما معنى : إنْ نَظُنُّ إلاَّ ظَنًّا؟ قلت : أصله نظن ظنًّا، ومعناه إثبات الظن حسبُ، وأدخل حرف النفي والاستثناء ليفاد إثبات الظن ونفي ما سواه ويزيدُ نفي ما سوى الظن توكيداً بقوله :﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾. فظاهر كلامه أنه لا يتأول الآية بل حملها على ظاهرها.
قال أبو حيان : وهذا كلام من لا شُعُور له بالقاعدة النحوية من أن التفريغ يكون في جميع المعمولات من فاعل أو مفعولٍ وغيرهما إلا المصدر المؤكد، فإنه لا يكون فيه.
وقد اختلف الناس في تأويلها على أوجه :
أحدها : ماقاله المبرد وهو أن الأصل : إنْ نَحْنُ إلاَّ نَظُنُّ ظَنًّا قال : ونظيره ما حكاه أبو عمرو : لَيْسَ الطِّبُ إلاَّ المسكُ. تقديره ليس إلا الطيبُ المسكُ. قال شهاب الدين : يعني أن اسم « ليس » ضمير الشأن مستتر فيها و « إلا الطيب المسك » في محل نصب خبرها. وكأنه خفي عليه أن لغة تميم إبطال عمل ليس إذا انْتَقَضَ نفيها « بإلا » قياساً على « ما الحجازية ». والمسألة طويلة مذكورة ف يكتب النحو، وعليها حاكاية جَرَتْ بين أبي عمرو، وعيسى ببن عُمَرَ.
الثاني : أنّ « ظَنًّا : له صفة محذوفة تقديره : إلاّ ظَنًّا بَيِّناً، فهو مختص لا مؤكد.
الثالث : أن يضمن ( نظن ) معنى »
نعتقد « فينتصب » ظناً « مفولاً به لا مصدراً.
الرابع : أن الأصْل إنْ نَظُنُّ إلاَّ أنَّكُم تَظُنُّونَ ظَنًّا، فحذف هذا كله موهو معزوٌّ للمبرد أيضاً. وقد رده عليه من حيث إنه حذف إنّ واسمها وخبرها وأبقى المصدر.


الصفحة التالية
Icon