والثانية : وهي المرتبة المتوسطة أن تكون الرطوبة الغريزية وافيةً بحفظ الحرارة الغريزية من غير زيادة ولا نُقْصَان، وهذا هو سنّ الوقوف وهو سِنّ الشباب.
والمرتبة الثالثة : أن تكون الرطوبة الغريزية ناقصة عن الوفاء بفحظ الحرارة الغريزية. ثم هذا النقصان على قسمين :
فالأول : هو النقصان الخفي وهو سن الكهولة. والثاني : هو النقصان الظاهر وهو سن الشَّيْخُوخَةِ.
قوله :« أَرْبَعِينَ » أي تمامها، « فأربعين » مفعول به. قال المفسرون : لم يبعث نَبِيٌّ قَطُّ إلاَّ بعد أربعين سنة. قال ابن الخطيب : وهذا يشكل بعيسى ﷺ فإنه تعالى جعله نبياً من أول عمره إلا أنه يجب أن يقال : الأغلب أن ما جاء ( ه ) الوحي إلا بعد الأربعين وهكذا كان الأمر في حق نبينا ﷺ.
قوله :« أَوْزِعْنِي » قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) معناه أَلْهِمْنِي. قال الجوهري : أَوْزَعْتُهُ أَغْرَبْتُهُ به، فَأُوزعَ بِه فَهو مُوزعٌ به أي مُغْرّى به، واسْتَوْزَعْتُ اللهَ فَأَوْزَعَنِي أي اسْتَلْهَمْتُهُ فأَلْهَمَنِي.
قوله :« وأَن أعمل صالحاً ترضاه » قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أجاب الله عزَّ وجَلَّ دعاء أبي بكر، فأعتق تعسةً من المؤمنين يُعَذَّبُونَ في الله، منهم بلالٌ، وعامرُ بنُ فُهَيْرة، فلم يرد شيئاً من الخير إلا أعانه الله عليه. ودعا أيضاً فقال :« فَأَصْلِح لِي فِي ذُرِّيَّتِي » فأجاب الله تعالى فلم يكن له ولد إلا آمنوا جميعاً. فاجتمع له إسلام أبويه وأولاده جميعاً. فأدرك أبو قحافة النَّبِيَّ ﷺ وابنه أبو بكر، وابنه عبدالرحمن بن أبي بكر، وابن عبدالرحمن أبو عتيق، كلهم أدركوا النبي ﷺ ولم يكن ذلك لأحد من الصحابة.
قوله :﴿ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذريتيا ﴾ أصلح يتعدى بنفسه لقوله :﴿ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ [ الأنبياء : ٩٠ ] وإنَّمَا تعدى ب « في » لتضمنه معنى : الطف بي في ذريتي أو لأنه جعل الذرية طرفاً للاصلاح كقوله :
٤٤٥٢ يَخْرُجُ فِي عَرَاقِيها نُصَلِّي | والمعنى هب لي الصلاح في ذريتي، وأوقعه فيهم. |
قوله :﴿ أولئك الذين نتقبل عنهم ﴾ قرأ الأَخَوانِ وحَفْصٌ : نَتَقَبَّلُ بفتح النون مبنياً للفاعل ونصب « أحسن » على المفعول به، وكذلك « نتَجَاوَزُ » والباقون للمفعول، ورفع « أحْسَن : لقيامه مقام الفاعل، ومكان النون ياء مضمومة في الفعلين.