﴿ وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ ﴾ [ الحج : ٤٠ ] ولم يقل : بالنَّصْر يُنْصَرُ وقال :﴿ هُوَ الذي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ ﴾ [ الأنفال : ٦٢ ] ولم يقل : أيدك بالنصر، وقال :﴿ إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح ﴾ وقال :﴿ نَصْرٌ مِّن الله وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾ [ الصف : ١٣ ]، وقثال :﴿ وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله ﴾ [ آل عمران : ١٢٦ ]، وهذا أدل الآيات على مطلوبها.
وتحقيقه هو أن النصر بالصبر والصبر بالله قال تعالى :﴿ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله ﴾ [ النحل : ١٢٧ ] وذلك لأن الصبر سكون القلب واطمئنانه وذلك بذكر الله ( تعالى ) كما قال تعالى :﴿ أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب ﴾ فلما قال ههنا :« وَيَنْصُركَ اللهُ » أ؟هر لفظ الله، ليُعْلَمَ أن بذكر الله اطمئنان القلب وبه يحصل الصبر وبه يتحقق النصر.
فصل
قال :﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ ﴾ ثم قال :﴿ لَكَ الله ﴾، ولم يقل :« إنَّا فَتَحْنَا لِيَغْفِرَ لَكَ » تعظيماً لأمر الفتح وذلك لان المغفرة وإن كانت عظيمة لكنها عامة لقوله تعالى :﴿ إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً ﴾ [ الزمر : ٥٣ ] وقال :﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَآءُ ﴾ [ النساء : ١١٦ ] فإن قلنا : المراد من المغفرة في حق النبي صلى الله عليه سولم فكذلك لم يختص به نبينا، بل غيره من الرسل كان معصوماً وإتمام النعمة كذلك قال تعالى :﴿ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ [ المائدة : ٣ ] وقال تعالى :﴿ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِي التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ﴾ [ البقرة : ٤٧ و١٢٢ ] وكذلك الهداية قال تعالى :﴿ يَهْدِي الله ﴾ [ النور : ٣٥ ] وكذلك النصر، قال الله تعالى :﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون ﴾ [ الصافات : ١٧١١٧٢ ] وأما الفتح فلم يبق لأحد غير النبي صلى لله عليه ونسلم فعظَّمه بقوله :﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً ﴾ وفيه التعظيم من وجهين :
أحدهما : قوله :« إنَّا »
والثاني : قوله :« لَكَ » أي لأجلك على وجه المِنَّةِ.