روى أنس بن مالك : رضي الله عنه عن النبيّ ﷺ قال :« أَرْحَمُ ( أصْحَابِ ) النَّبِيِّ أبُو بَكْرس، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حُبًّا عُثْمَانُ وَأَفْرَضُهُمْ زيدٌ، وَأَقْوَأُهُمْ أبيٌّ، وَأَعْلَمُهُمْ بالحلال وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَلِكُلِّ أُمَّة أَمِينٌ وَأَمِين هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ »، وفي رواية أخرى :« وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ » وروى بريدةُ عن النَّبي ﷺ قال :« مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِي بِأَرْض كان نُورَهُمْ وَقَائِدَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ».
قوله :﴿ يُعْجِبُ الزراع ﴾ حال أي معجباً. وها تم المَثَلُ.
قوله :« لِيَغِيظَ » فيه أوجهٌ :
أحدها : أنه متعلق ب « وَعَدَ » ؛ لأن الكفار إذا سمعوا بعزِّ المؤمنين في الدنيا وما أد لهم في الآخرة غَاظَهُمْ ذلك.
الثاني : أن يتعلق بمحذوف دل عليه تشبيهُهُمْ بالزرع في نمائِهِمْ وتقويتهم. قاله الزمخشري، أي شبههم الله بذلك ليغيظ.
الثالث : أن يتعلق بما دل عليه قوله :﴿ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار.... ﴾ إلى آخره أي جعلهم بهذه الصفات ليغيظ.
قال مالك ابن أنس ( رضي الله عنه ) « مَنْ أصْبَحَ فِي قَلْبِهِ غَيْظٌ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَدْ هَذِهِ الآيَةُ ». وقال عليه الصلاة السلام :« اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي لاَ تَتَّخِذُوهُمْ عَرَضاً بَعْدِي، فَمَن أَذَانِي فَقَدْ أَذَى الله فَيُوشِكُ أَنْ يَأخُذَهُ ».
وقال ﷺ :« لاَ تَسُبّثوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدهِم وَلاَ نَصِيفَهُ ».
قوله :﴿ لْكُفَّارَ وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم ﴾ « مِنْ » هذه للبيان، لا للتبعيض؛ لأن كلهم كذلك فهي كقوله :﴿ فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان ﴾ [ الحج : ٣٠ ].
وقال الطبري : منهم يعني من الشطء الذي أخرج الزرع، وهم الداخلون في الإسلام إلىيوم القيامة، فَأَعَادَ الضمير على معنى الشطء لا على لَفْظِهِ فقال :« مِنْهُمْ » ولم يقل : مِنْه وهو معنًى حَسَنٌ.

فصل


قد تقدم الدكلام على الأجر العظيم والمغفرة مراراً. وقال ههنا في حق الراكعين السَّاجدين : إنهم يَبْتَغُونَ فضلاً من الله ورِضْواناً وقال : لهم أجر « ولم يقل : لهم ما يطلبوا ( نَ ) ه من الفضْل؛ لأن المؤمن عند العمل لم يلتَفِتْ إلى عمله ولم يجعل له أجراً يعتدّ به فقال : لا أبتغي إلا فضلك فإن عملي نَزْرٌ لا يكون له أجرٌ والله تعالى آتاه من طلب الفضل، وسماه أجراً إشارةً إلى قبوله عمله ووقوعه الموقع.
روى أنه من قرأ أول ليلة من رمضان : إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً فِي التَّطَوع حُفِظَ في ذلك العام ( انتهى ). ( اللَّهم إِنِّي أَسْأَلُكَ رِضَاكَ والْجَنَّة وأَعوذُ بك من سَخَطِكَ والنَّارِ ).


الصفحة التالية
Icon