وإن قلنا : اسم جبل فالجر والتنوين وإِن كان قسماً.
قوله :« وَالقُرْآنِ المَجِيدِ » قسم، وفي جوابه أوجه :
أحدها : أنه قوله :﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض ﴾.
الثاني :﴿ مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ ﴾ [ ق : ٢٩ ].
الثالث :﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ ﴾ [ ق : ١٨ ].
الرابع :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى ﴾ [ ق : ٣٧ ].
الخامس :« بَلْ عَجِبُوا ». وهو قول كوفي، قالوا : لأنه بمعنى قَدْ عجبُوا.
السادس : أنه محذوف، فقدّره الزجاج والأخفش والمبرد : لَتُبْعَثُنَّ، وغيرهم : لَقَدْ جِئْتَهُمْ مُنْذِراً.
واعلم أن جوابات القسم سبعة، إنَّ المشددة كقوله :﴿ والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ ﴾ [ العصر : ١ و ٢ ]، و « مَا » النافية كقوله :﴿ والضحى والليل إِذَا سجى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى ﴾ [ الضحى : ١ - ٣ ] واللام المفتوحة كقوله :﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ ﴾ [ الحجر : ٩٢ ] وإنْ الخفيفة كقوله :﴿ تالله إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ [ الشعراء : ٩٧ ] ولا النافية كقوله :﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ ﴾ [ النحل : ٣٨ ]، و « قَدْ » كقوله :﴿ والشمس وَضُحَاهَا والقمر إِذَا تَلاَهَا والنهار إِذَا جَلاَّهَا والليل إِذَا يَغْشَاهَا والسمآء وَمَا بَنَاهَا والأرض وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾ [ الشمس : ١ - ٩ ]، وبَلْ كقوله :﴿ والقرآن المجيد بَلْ عجبوا ﴾. والمجيدُ : العظيم. وقيل : المجيدُ : الكثير الكرم.
فإن قلنا : المجيد العظيم، فلأن القرآن عظيم الفائدة ولأنه ذكر الله العظيم، وذكر العظيم عظيم ولأنه لم يقدر عليه أحدٌ من الخلق، وقال تعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المثاني والقرآن العظيم ﴾ [ الحجر : ٨٧ ]. ولا يبدل ولا يغير ولا يأتيهِ الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإن قلنا : المجيد هو الكثير الكفر فالقرآن كريم كل من طلب منه مقصوداً وَجَدَهُ، ويغني كل من لاَذَ به وإِغناء المحتاج غاية الكرم.
فإن قيل : القرآن مقسم به فما المقسم عليه؟.
فالجواب : أن المقسم عليه إما أن يفهم بقرينة حالية أو قرينة مَقَالِيَّة، والمقالية إما أن تكون متقدمة على المقسم به أو متأخرة، فإن فهم من قرينة مقالية متقدمة، فلا يتقدم هنا لفظاً إلا « ق » فيكون التقدير : هذَا ق والقرآنِ، أو ق أنزلها الله تعالى والقرآنِ، كقولك : هذَا حَاتِمٌ واللَّهِ؛ أي هو المشهور بالسخاء، وتقول : الهلالُ واللَّهِ أيْ رأيته واللَّهِ. وإن فهم من قرينة مقالية متأخرة فذلك أمران :
أحدهما : أن التقدير : والقرآن المجيد إنك المنذر، أو والقرآن المجيد إن الرجع لكائن، لأن كلام الأمرين ورد طاهراً، أما الأوّل فقوله تعالى :﴿ يس والقرآن الحكيم ﴾ [ يس : ١ - ٢ ] إلى أن قال :﴿ لِتُنذِرَ قَوْماً ﴾ [ يس : ٦ ].
وأما الثاني : فقوله تعالى :﴿ والطور وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ﴾