و « يوم » منصوب بالدين، وقيل : بمضمر، أي يُجَازَوْنَ.
وقيل : هو مفعول بأعني مقدَّراً وعُدّي يُفْتَنُونَ بعَلَى لأنه بمعنى يُخْتَبَرُون. وقيل : على بمعنى في. وقيل : على بمعنى الباء. وقيل :« يَوْمَ هُمْ » خبر مبتدأ مضمر، أي هُوَ يَوْمَ هُمْ والفتح لما تقدم. ويؤيد ذلك قراءة ابن أبي عبلة والزّعفرانيّ يَوْمُ هُمْ بالرفع، وكذلك يؤيد القول بالبدل. وتقدم الكلام في مثل هذا في غَافِرٍ.
فصل
قوله :﴿ يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ ﴾ قال ابن الخطيب : يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون جواباً عن قولهم أيَّانَ يَقَعُ فكما أنهم لم يسألوا سؤال مستفهم طالب لعِلم، كذلك لم يجبهم جواب معلم مبين بل قال : يوم هم على النار يفتنون فجهلهم بالثاني أقوى من جهلم بالأول، ولا يجوز أن يكون الجواب بالأخفى، فلو قال قائل : مَتَى يَقْدمُ زَيْدٌ؟ فلو أجيب بقوله : يَوْم يقدم رفِيقُهُ ولا يعلم يوم قُدُوم الرفيق لم يصح هذا الجواب إلا إذا كان الكلام في صورة ولا يكون جواباً كقول القَائل لمن يعد عِدَاتاً ويخلفها : إلى متى هذا الإخلاف؟ فيغضب ويقول : إلى أَشْأَمِ يَوْمٍ عليك، فالكلامان في صورة سؤال وجواب، ولا يريد بالأول السؤال، ولا الثاني يريد به الجواب، فكذلك ههنا قال :﴿ يوم هم على النار يفتنون ﴾ مقابلة لاستهزائهم بالإيعَادِ لا على وجه الإِتيان بالبَيَان.
الثاني : أن يكون « ذلك » ابتداء كلام تمامه ( في قوله :« ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ » ).
فإن قيل : هذا يفضي إلى الإضمار!.
فالجواب : أن الإضمار لا بد منه؛ لأن قوله : ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ غيرُ متصل بما قبله إلا بإِضمار يقال.
قوله :« ذُوقُوا » يقال لهم ذُوقُوا و ﴿ هذا الذي كُنتُمْ ﴾ مبتدأ وخبر « هذا » هو الظاهر. وجوَّز الزمخشري أن يكون « هذا » بدلاً من « فِتْنَتَكُمْ » ؛ لأنها بمعنى العذاب، ومعنى فتنتكم عذابكم ﴿ هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ في الدنيا تكذيباً به، وهو قولهم :﴿ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا ﴾ [ ص : ١٦ ] وقولهم :﴿ فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَآ ﴾ [ هود : ٣٢ ] ونظائره، وقوله :﴿ يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدين ﴾ فإنه نوع استعجالٍ بالقول. ويحتمل أن يكون المراد الاستعجال بالفعل وهو إصرارهم على العناد، وإظهار الفساد، فإنه يعجل العقوبة.