قوله تعالى :﴿ وَفِي ثَمُودَ ﴾ الكلام فيه كما تقدم في قوله :« وفي موسى »، وقوله :﴿ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ ﴾. قال بعض المفسرين : المراد منه هو ما أَمْهَلَهُم الله بعد عقرهم الناقة وهو ثلاثة أيام ( كما ) في قوله تعالى :﴿ فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ﴾ [ هود : ٦٥ ] وكان في تلك الأيام تغيير ألوانهم فتصفرُّ وتحمرُّ وتسودُّ. قال ابن الخطيب : وهذا ضعيف؛ لأن قوله تعالى :﴿ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ﴾ بحرف الفاء دليل على أن العُتُوَّ كان بعد قوله :« تمتعوا »، فإذن الظاهر أن المراد هو ما قدر الله للناس من الآجال فما من أحد إِلا وهو مُمْهَلٌ مدَّة الأجل.
قوله :﴿ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ﴾ « عَتَا » يتعدى تارة « بعَلَى »، كقوله تعالى :﴿ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٩ ]، وههنا استعمل بعَنْ؛ لأن فيه معنى الاستكبار كقوله :﴿ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾ [ الأنبياء : ١٩ ] وحيث استعمل بعلى، فهو كقولك : فُلاَنٌ يتكبَّر عَلَيْنَا.
قوله :﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة ﴾ وهذه قراءة العامة. وقرأ الكسائي الصّعْقَةُ. والحسن الصَّاقِعَة. وتقدم ذكره في البقرة. وقوله :« وَهُمْ يَنْظُرُونَ » جملة حالية من المفعول. و « يَنْظُرُونَ » قيل : من النَّظَرِ. وقيل : من الانتظار أي ينتظرون ما وُعدوهُ من العذاب.
قوله ( تعالى ) :﴿ فَمَا استطاعوا مِن قِيَامٍ ﴾ أي فما قاموا بعد نزول العذاب ولا قدروا على دفعه.
قال قتادة : لم ينهضوا من تلك الصرعة.
وقوله :« من قيام » بدل قوله : منْ هَرَب؛ لأن العاجز عن القيام أحرى أن يعجز عن الهَرَب. ويحتمل أن يكون المراد منه من القيام بالأمر أي ما استطاعوا من قيامٍ به. ﴿ وما كانوا منتصرين ﴾ أي منتقمين منا. قال قتادة : كان عندهم قوة من الله.