قوله :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى ﴾ لما قرر الرسالة ذكر ما ينبغي أن يبتدئ به الرسول وهو التوحيد ومنع الخلق عن الإشراك، فقوله :« أَفَرَاَيْتُمْ » إشارة إلى إبطال قولهم بنفس القول كما إذا ادعى ضعيفٌ الملكَ ثم رآه العقلاء في غاية البعد عما يدعيه يقولون : انْظُرُوا إلى هذا الذي يدعي المُلْكَ منكرين عليه غير مستدلين بدليل لظهور أمره فكذلك قال :﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى ﴾ أي كما هما فكيف تشركونهما بالله؟

فصل


والألف واللام في ( اللات ) زائدة لازمة، فأما قوله :
٤٥٥٥-....................... إلَى لاَتِهَا.....................
فحذفت للإضافة.
وقيل : هي والعزى علمان بالوَضْع، أو صفتان غَالِبَتَانِ؟ خلاف. ويترتب على ذلك جواز صدق « أَل » وعدمه.
فإن قلنا : إنهما ليسا وصفين في الأصل فلا تحذف منهما « أل ». وإن قلنا : إنهما صفتان وإنّ « أَلْ » لِلَمْحِ الصفة جاز، وبالتقديرين « فأل » زائدة. وقال أبو البقاء : وقيل : هما صفتان غالبتان مثل الْحَارِث والْعَبَّاس فلا تكون أل زائدة. انتهى.
قال شهاب الدين : وهو غلط، لأن التي للمح الصفة منصوص على زيادتها بمعنى أنها لم تُؤْثِر تَعْريفاً. واختلف في تاء اللات، فقيل : أصل وأصله من لاَتَ يَلِيتُ فألفها عن ياء، فإن مادة « ل ي ت » موجودة. وقيل : زائدة وهي من لَوَى يَلْوِي، لأنهم كانوا يلوون أعْنَاقَهُمْ إليها، أو يلتوون أي يَعْتَكِفُونَ عليها. وأصلها لَوْيَةٌ فحذفت لامها، فألفها على هذا ( بدلٌ ) من واو.
قال الزمخشري : هي فَعْلَة من لَوَى يَلْوِي، وعلى هذا فأصلها لوية فسكنت الياء وحذفت لالتقاء الساكنين، بقيت لَوْة فقلبت الواو ألفاً لفتح ما قبلها فصارت « لاَت ». واخْتَلَف القُرَّاءُ في الوقف على تائها فوقف الكسائي عليها بالهاء. والباقون بالتاء. وهو مبني على القولين المتقدمين.
فمن اعتقد تاءها أصلية أَقرها في الوقت كتَاء بِنْتٍ، ومن اعتقد زيادتها وقف عليها هاءً.
قال ابن الخطيب : والتاء في اللات تاء تأنيث كما في المَنَاة لكنها تكتب ممطوطةً لئلا يوقف عليها فتصير هاءً فتشبه باسم ( الله ) فإن الهاء في ( الله ) أصلية ليست تاءَ تأنيث ووقف عليها فانقلبت هاءً.
واللاَّتُ اسمُ صنم. وقيل : كان لثقيف بالطائف. قاله قتادة. وقيل : بعُكَاظ. وقال زيد : بيت بنخلة. وقيل : صنم. ورجح ابن عطية الأول لقول الشاعر :
٤٥٥٦- وَفَرَّتْ ثَقِيفٌ إلى لاَتِهَا بمُنْقَلَبِ الْخَائِبِ الْخَاسِرِ
والعامة على تخفيف تائها.
وقرأ ابن عباس، ومجاهدٌ، ومنصورُ بن المُعْتَمِر، وأبو الجَوْزَاء، وأبو صالح وابنُ كثير - في رواية - بتشديد التاء.
فقيل : هو رجل كان يَلِتُّ السَّوِيقَ، ويُطْعِمهُ الْحَاجَّ، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه، فهو اسم فاعل في الأصل غلب على هذا الرجل وكان يجلس عند حجر، فلما مات سمي الحجر باسمه وعُبِدَ من دون الله.


الصفحة التالية
Icon