وإنما أوثر هذا الاسم الظاهر لوقوعه رأسَ فاصلةٍ.
وقد جعل الزجاج المفعولَ الثَّانِي محذوفاً، فإنَّه قال : وجه تلفيق هذه الآية مع ما قبلها فيقول أخبروني عن آلهتكم هل لها شيء من القدرة والعظمة التي وصف بها ربّ العزة في الآي السالِفةِ. انتهى.
فعلى هذا يكون قوله ( أَلَكُمُ الذَّكَرُ ) مُتعلِّقاً بما قبله من حيثُ المَعْنى لا من حيثُ الإعراب.
وجعل ابن عطية الرؤية هنا بصرية فقال : وهي من رؤية العين، لأنه أحال على أجرام مرئيَّة، ولو كانت « أرأيت » التي هي استفتاء لم يتعد. وقد تقدم الكلام على ذلك في الأنعام وغيرها.
فإن قيل : ما فائدة الفاء في قوله :« أَفَرَأَيْتُمْ » وقد وردت في مواضعَ بغير فاء، كقوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله ﴾ [ الزمر : ٣٨ ] ( و ) ﴿ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ﴾ [ فاطر : ٤٠ ].
فالجواب : لما تقدم عظمة الله في ملكوته وأن رسوله إلى الرسل يسد الآفاق ببعض أجنحته ويهلك المدائن بشدته وقوته ولا يمكنه مع هذا أن يتعدى السدرة في مقام جلال الله وعزته قال : أَفَرَأَيْتُمْ هذه الأصنام مع ذلتها وحقارتها شركاء لله مع ما تقدم فقال بالفاء أي عقيب ما سمعتم من عَظَمَةِ آياتِ الله الكبرى ونفادِ أمْرِهِ في الملأ الأعلى وما تحت الثَّرى انظروا إلى اللات والعزى تَعْلَمُوا فَسَادَ ما ذهبتم إليه.
قوله تعالى :﴿ أَلَكُمُ الذكر وَلَهُ الأنثى ﴾ قال الكلبي : كان المشركون بمكة يقولون للأصنام والملائكة بناتِ الله.
قال ابن الخطيب : معناه كيف جعلتم لله البنات وقد اعترفتم في أنفسكم أن البناتِ ناقصاتٌ والبنون كاملونَ والله كامل العظمة فكيف نسبتم إليه الناقص وهو في غاية الذلة والحقارة حيث عبدتم الجماد من الحجارة والشجر ثم نسبتم إليكم الكامل فهذه قسمةٌ جائرةٌ على زعمكم وعادتكم لأنه كان ينبغي أن تجعلوا الأعظم للعظيم والأنقص للحقير فخالفتم النقل والعقل والعادة؟
قوله :﴿ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضيزى ﴾، « تلك » إشارة إلى محذوف تقديره تلكَ القِسْمَةُ قسمةٌ غير عادلةٍ. ويحتمل أن يقال : تلك النسبة؛ أي التي نسبوها إلى الله بأَنَّ له البناتِ. وقوله ( إذَنْ ) جواب نسبتهم البنات إلى الله.
وقوله :« ضيزَى » قرأ ابن كثير ضِئْزَى بهمزة ساكنة والباقون بياء ساكنة. وزيد بن عليّ ضَيْزَى بفتح الضاد والياء الساكنة. فأما قراءة العامة فيحتمل أن تكون من ضَازَهُ يَضِيزُهُ إذا ضَامَهُ وجار عليه فمعنى ضِيزَى أي جائرة. وقال مجاهد ومقاتل : قِسْمَةٌ عَوْجَاءُ.
وقال الحسن : غير معتدلة، قال الشاعر :
٤٥٦٠- ضَازَتْ بَنُو أَسَدٍ بِحُكْمِهِمُ | إذْ يَجْعَلُونَ الرَّأسَ كَالذَّنَبِ |
أحدهما : أن تكون صفة على « فُعْلَى » - بضم الفاء - وإنما كسرت الفاء لتصحَّ الياء « كَبِيضٍ ».