فهذا بمعنى الخمود والخشوع، وقال عكرمة وأبو هريرة : السمود القيامة بلغة حِمْيَر، يقولون : يا جَارِيَةُ اسمُدِي لنا أي غنِّي، فكانوا إذا سمعوا القرآن تَغَنَّوْا وَلَعِبُوا. وقال الضحاك : أَشِرُونَ. وقال مجاهد غضاب يَتَبَرْطَعُونَ. وقال الراغب : السامد اللاهي الرافع رأسه من قولهم : بَعِيرٌ سَامِدٌ في سَيْرِهِ. وقيل : سمد رأسه وسبده أي استأصل شعره.
وذكر باسم الفاعل لأن الغفلة دائمة وأما الضحك والعجب فهما أمران يتجددان ويعدمَان. وقال الحسن سامدون أي واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام، لما رُوِيَ عن النبي - ﷺ - أنه خرج والناس ينتظرونه قياماً فقال : مَا لِي أَرَاكُمْ سَامِدِينَ. حكاه الماوردي. وروى المَهْدَوِيُّ عن علي أنه خرج إلى الصلاة فرأى الناس قياماً فقال : مَا لِي أَرَاكُمْ سَامِدِينَ. وروي عن علي أن معنى « سامدون » أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين الصلاة. وتسميد الأرض أن يجعل فيها السماد وهو سِرْجينٌ وَرَمَادٌ. واسْمَأدَّ الرجال اسْمِئْدَاداً أي وَرِم غضباً.
قوله :﴿ فاسجدوا لِلَّهِ واعبدوا ﴾ هذا الأمر يحتمل أن يكون عاماً، ويحتمل أن يكون التفاتاً أي اشتغلوا بالعبادة، ولم يقل : واعبدوا الله إما لكونه معلوماً من قوله :« فَاسْجُدُوا لِلَّهِ » وإما لأن العبادة في الحقيقة لا تكون إلاَّ لله.
وروى عكرمة عن ( ابن عباس رضي الله عنهما ) أن - النبي - ﷺ - سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجنّ والإنس. وروي عن عبد الله - ( رَضِيَ الله عنه ) - قال : أول سورة أنزلت فيها السجدة النَّجم، فسجد رسول الله - ﷺ - وسجد مَنْ خَلْفَهُ إلا رجلاً رأيته أخذ كَفًّا من تراب، فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافراً وهو أميةُ بْنُ خَلَفٍ.
وروى زيد بن ثابت - ( رضي الله عنه ) - قال : قرأت على النبي - ﷺ - وَالنَّجْمِ فلم يسجُدْ فيها، وهذا يدل على أن سجود التلاوة غيرُ واجب، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : إن الله لم يكتبها علينا إلا أن يشاءَ وهو قولُ الشَّافِعِيِّ وأحْمَد.
وذهب قومٌ إلى أنه واجبٌ على القارىء والمستمع جميعاً. وهو قول سفيانَ الثوريِّ وأصحابِ الرأي.
وروى الثعلبي في تفسيره عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله - ﷺ - « مَنْ قَرَأَ سورة النجم أُعطي من الأجر ( عشر حسنات ) بعَدَدِ مَنْ صَدَّقَ بمُحَمَّد وكَذَّبَهُ » ( انتهى ).


الصفحة التالية
Icon