وقال عطاء ابن أبي رباح : لا تخافوا ولا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم.
قوله :﴿ وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾.
فإن قيل : البشارة عبارةٌ عن الخبر الأول بحصول المنافع، فأما إذا أخبر الرجل بحصول المنفعة ثم أخبر ثانياً بحصولها كان الإخبار الثاني إخباراً ولا يكون بشارةً، والمؤمن قد يسمع بشارات الخير، فإذا سمع المؤمن هذا الخبَر من الملائكة وجب أن يكون هذا إخباراً ولا يكون بشارة، فما السَّبب في تسمية هذا الخبر بشارة؟
فالجواب : أن المؤمن قد يسمع بشارات الخير، ( فإذا سمع المؤمن هذا الخبر من الملائكة وجب أن يكون هذا إخباراً ولا يكون بشارة! قلنا : المؤمن يسمع أن من كان مؤمناً تقِيًّا ) كان له الجنة أما إذا لم ( يسمع ) ألبتة أنه من أهل الجنة فإذا سمع هذا الكلام من الملائكة كان أخباراً بنفع عظيم مع أنه هو الخبر الاول فكان ذلك بشارة.
واعلم أن هذا الكلام يدل على أن المؤمن عند الموت وفي القبر وعند البعث ( لا ) يكون فازعاً من الأهوال ومن الفزع الشديد ( بل يكون آمن الصدر لأن قوله :﴿ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ ﴾ يفيد نفي الخوف، والحزن على الإطلاق ).
قوله تعالى :﴿ نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة ﴾ وهذا في مقابلة ما ذكره في وعيد الكفار حيث قال :﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ ﴾ [ فصلت : ٢٥ ]. قال السدي : تقول الملائكة نحن الحفظة الذين كنا معكم في الدنيا ( ونحن أولياؤكم من الدينا ) ونحن أولياؤكم في الآخرة أي لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة. ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تشتهي أَنفُسُكُمْ ﴾ من الكرامات واللذات ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴾ أي تتمنون.
فإن قيل : هلى هذا التفسير لا فرق بين قوله :﴿ ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ﴾ و ﴿ ولكم فيها ما تدعون ﴾ قال ابن الخطيب : والأقرب عندي أن قوله :﴿ ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ﴾ إشار إلى الجنة الرُّحانيَّة المذكورة في قوله ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهم ﴾ [ يونس : ١٠ ] الآية.