قاله أبو الفضل الرازي.
وهذا لا يجوز، لأن الجِوَارَ إنما جاء في النعت أو العطف على خلاف في إتيانه كما تقدم في سورة المائدة فكيف يقال به في خبر المبتدأ؟ هذا ما لا يجوز.
الثالث : أن خبر المبتدأ قوله :« حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ » أخبر عن ﴿ كُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ بأنه حكمة بالغة ويكون قوله :﴿ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ الأنبآء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ﴾ [ القمر : ٤ ] جملة اعتراض بين المبتدأ أو خبره.
الرابع : أن الخبر مقدر؛ فقدره أبو البقاء : معمول به أو أتى وقدره غيره : بالغوه؛ لأن قبله ﴿ وكذبوا واتبعوا أهواءهم ﴾ أي وكل أمر مستقر، أي لكل أمر حقيقة ما كان منه في الدنيا فسيظهر وما كان منه في الآخرة فسيعرف. وقال قتادة : وكل أمر مستقر فالخير مستقر بأهل الخير، والشر بأهل الشر. وقيل : كل أمر من خير أو شر مستقر قراره، فالخير مستقر بأهله في الجنة والشر مستقر بأهله في النار. وقيل : مستقر قول المصدقين والمكذبين حتى يعْرفوا حقيقته بالثواب والعذاب، وقال مقاتل : لكل حديث منتهى. وقيل : ما قدر كائن لا محالة وقيل كل أمر مستقر على سنن الحق يثبت، والباطل يَزْهَقُ فيكون ذلك تهديداً لهم وتسلية للنبي - ﷺ - وهو كقوله تعالى :﴿ ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الزمر : ٧ ].
وقيل : كل أمر مستقر في علم الله تعالى لا يخفى عليه شيء، فهم كذبوا واتبعوا أهواءهم، والأنبياء صدقوا وبلغوا، كقوله تعالى :﴿ لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ ﴾ [ غافر : ١٦ ] وكقوله :﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزبر وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ ﴾ [ القمر : ٥٢ - ٥٣ ].
وقيل : هو جواب لقوله :« سِحْرٌ مُسْتَمِرّ » أي بل كل أمره مستقر.