قوله :( يَخْرُجُونَ ) يجوز أن يكون حالاً من الضمير في :( أبصارهم ) وأن يكون مستأنفاً. والأجداث القبور وقد تقدم في يس.
وقوله :( كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ ) هذه الجملة يجوز أن تكون حالاً من فاعل « يخرجون » أو مستأنفة. ومثلهم بالجراد المنتشر في الكثرة والتَّمَوج. وقيل : معنى منتشر أي منبث حَيَارَى.
ونظيره قوله تعالى :﴿ كالفراش المبثوث ﴾ [ القارعة : ٤ ]. والمعنى : أنهم يخرجون فزعين لا جهة لأحد منهم يقصدها كالجراد ولا جهة تكون مختلطةً بعضُها في بعض، وذكر المنتشر على لفظ الجراد.
قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يقال : المنتشر مطاوع نَشَرَهُ إذا أحياه، قال تعالى :﴿ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ﴾ [ الروم : ٢٠ ] فكأنهم جراد متحرك من الأرض ( و ) يدب إشارة إلى كيفية خروجهم من الأجداث وضعفهم.
وقال القرطبي : قوله ( تعالى ) :﴿ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الداع ﴾ وقال في موضع آخر :﴿ يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث ﴾ [ القارعة : ٤ ] فهما صفتان في وقتين مختلفين أحدهما عند الخروج من القبور يخرجون فزعين لا يهتدون ( إلى ) أين يتجهون فيدخل بعضهم في بعض فهم حينئذ كالفراش المبثوث بعضهم في بعض لا جهة له يقصدها فإذا سمعوا المنادي قصدوه فصاروا كالجراد المنتشر، لأن الجراد المنتشر لها جهة يقصدها.
قوله :« مُهْطِعِينَ » حال أيضاً من اسم كان، أو من فاعل « يَخْرُجُونَ » عند من يرى تَعَدُّدَ الحال. قال أبو البقاء : و « مهطعين » حال من الضمير في « مُنتَشِرٍ » عند قوم، وهو بعيد؛ لأن الضمير في منتشر للجراد وإنما هو حال من فاعل « يخرجون » أو من الضمير المحذوف. انتهى.
وهو اعتراض حسن على هذا القول.
والإهطاع الإسراع وأنشد :

٤٥٩٠- بِدِجْلَةَ دَارُهُمْ وَلَقَدْ أَرَاهُم بِدِجْلَةَ مُهْطِعِينَ إلَى السَّمَاعِ
وقيل : الإسراع مع مد العنق. وقيل : النظر. قاله ابن عباس وأنشدوا ( - رحمة الله على من قال - ) :
٤٥٩١- تَعَبَّدَنِي نِمْرُ بْنُ سَعْدٍ وَقَدْ أَرَى وَنِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطِيعٌ وَمُهْطِعُ
وقد تقدم الكلام على هذه المادة في سورة إبراهيم.
قال الضحاك : مضلين. وقال قتادة : عامدين. وقال عكرمة : فاتحين آذانهم إلى المصوت.
قوله :« يَقُولُ الْكَافِرُونَ » قال أبو البقاء : حال من الضمير في « مُهْطِعِينَ ».
وفيه نظر من حيث خُلُوُّ الجملة من رابط يربطها بذي الحال، وقد يجاب بأن الكافرين هم الضمير في المعنى فيكون من باب الربط بالاسم الظاهر عند من يرى ذلك كأنه قيل : يقولون هذا. وإنما أبرزهم تشنيعاً عليهم بهذه الصفة القبيحة.
وقولهم :﴿ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ أي صعبٌ شديد.


الصفحة التالية
Icon