﴿ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ﴾ [ الشعرا : ١٠٩ ].. الآية وكذا في قصة هود وصالح ولوط وشعيب عليه الصَّلاة والسَّلام ورسلونا أفضل الأنبياء فَبِأَنْ لا يطلب الأجر على النبوة والرسالة أولى.
وثانيها : أنه عليه الصَّلاة والسَّلام صرَّح بنفي طلب الأجر فقال :﴿ قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين ﴾ [ ص : ٨٦ ] وقال :﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ﴾ [ سبأ : ٤٧ ].. الآية وطلب الأجر على أداء الواجب لا يليق بأقل الناس فضلاً عن أعلم العلماء.
ورابعها : أن النبوة أفضل من الحممة، وقد قال تعالى :﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾ [ البقرة : ٢٦٩ ] ووصف الدينا بأنها متاع قليل فقال :﴿ قُلْ مَتَاعُ الدنيا قَلِيلٌ ﴾ [ النسا : ٧٧ ] فكيف يحين بالعاقل مقابلة أشرف الأنبيثاء بأخس الأشيءا؟!
وخامسها : أن طلب الأجر يوجب التهمة، وذلك ينافي القطع بصحة النبوة. فثبت بهذه الوجوه أنه لا يجوز من النبي ﷺ أن يطلب أجراً ألبتة على التبليغ والرسالة، وهاهنا قد ذكر ما يجري مَجْرَى طلب الأجر وهو المودة في القربى ( هذا تقرير السؤال ).
فالجواب : أنه لا نزاع في أنه لا يجوز طلب الأجر على التبليغ، وأما قوله : إلا المودة في القربى فالجواب عنه من وجهين :
الأول : أنه هذا من باب قوله :

٤٣٨٠ وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ
يعني أنا لا أطلب منكم إلا هذا. وهذا في الحقيقة ليس أجراً؛ لأن حصول المودة بين المسلمين أمر واجب، قال تعالى : والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ [ التوبة : ٧١ ]، وقال، عليه الصَّلاة والسَّلام :« المُؤْمِنُونَ كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً » والآيات الأخبار في هذا كثيرة. وإذا كان حصول المودة بين المسلمين واجب فحصولها في احق أششرف المسلمِين أولى، فقوله :﴿ إلا المودة في القربى ﴾ تقديره والمودة ف يالقربى ليست أجراً، فرَجَعَ الحاصل إلى أنه لا أجر ألبتة.
الثاني : إن هذا استثناء منقطع، وتم الكلام عند قوله :﴿ لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ﴾ ثم قال :﴿ إِلاَّ المودة فِي القربى ﴾ أي أذكركم قرابتي منكم فكأنه في اللفظ أجر وليس بأجر.

فصل


اختلفوا في قرابته، فقيل : هم فاطمة وعلى وأبناؤهما، وفيهم نزل :﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [ الأحزاب : ٣٣ ].
وروى زيد بن أرقم عن النبي ﷺ أنه قال :« إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كتابَ اللهِ تَعَالَى وَأَهْلَ بَيْتِي وَأُذَكِّرُكُم الله في أَهْلِ بَيْتِي » قيل لزيد بن أرقم : فمن أهل بيته؟
فقال : هم آلُ عليِّ وآل عَقِيل وآل جعفر، وآل عباس رضي الله عنهم وروى ابن عمر عن ابن بكر رضي الله تعالى عنه قال : أرقبوا محمداً ﷺ في أهل بيته.


الصفحة التالية
Icon