ويحمل قوله :﴿ بما كسبت أيديكم ﴾ على أن الأصلح عند إتيانكم بذلك الكسب إنزال هذه المصائب عليكم.

فصل


هذه الآية تقتضي إضافة الكسب إلى اليد، والكسب لا يكون بل بالقدرة القائمة باليد فوجب أن يكون المراد من لفظ اليد هاهنا القدرة، وإذا كان هذا المجاز مشهوراً مستعملاً كان لفظ اليد الوارد في حق الله تعالى يجب حمله على القدرة تنزيهاً لله تعالى عن الأعضاء.
قوله :﴿ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ أي قد يترك الكثير بفضله ورحمته قال الواحدي بعد أن روى حديث عليٍّ المتنقدم : وهذه أرجى آية في كتاب الله؛ لأن الله تعالى جعل ذنوب المؤمنين صنفين، صنف كفَّر عنهم بالمصائب، وصنفٌ عَفَا عنه في الدنيا، وهو كَرَمٌ لا يرجع في عفوه فهذه سنة الله مع المؤمنين. وأما الكافر، فإنه لا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافي ( رَبَّهُ ) يوم القيامة.
ثم قال :﴿ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ أي بفائتين « في الأرض » هرباً، أي لا تُعْجِزونَنِي حيث ما كنتم و لات َسْبِقُونِي ﴿ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ والمراد به من يعبد الأصنام، بين أنه لا فائدة فيها ألبتة بل النّصير هو الله تعالى، فلا جرم هو الذي يحْسُنُ عِبَادَتُهُ.


الصفحة التالية
Icon